باب تطهير الثياب من النجاسات والبدن والأواني والأوعية الدم على ضربين، نجس وطاهر، قليله وكثيره، فالطاهر على مذهب أهل البيت بغير خلاف بينهم دم السمك، والبراغيث، والبق، وما أشبه ذلك، مما ليس بمسفوح، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وقال مالك في دم البراغيث:
إذا تفاحش غسل، فإن لم يتفاحش لا بأس به، وقال: يغسل دم السمك والذباب، وسوى الشافعي بين الدماء كلها في النجاسة.
قال محمد بن إدريس: فقد يوجد في بعض كتب أصحابنا أن النجاسة على ضربين، دم وغير دم، فعم ولم يخص، وهذا تسامح وتساهل في التصنيف، على أن العموم قد يخص بالأدلة، فلا يتوهم متوهم، إذا وقف على ذلك المسطور أنه صحيح ظاهره.
والدليل على طهارة دم السمك أنه لا خلاف في جواز أكله بدمه، من غير أن يسفح دمه، ألا ترى أن سائر الدماء لما كانت نجسة، لم يجز أكل الحيوان الذي هي فيه إلا بعد سفحها.
وأيضا قوله تعالى: " قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه " إلى قول: " أو دما مسفوحا " (1) فأخبر تعالى إن ما عدا المسفوح ليس بمحرم ودم السمك ليس بمسفوح، فوجب أن لا يكون محرما.
وأيضا قوله تعالى: " أحل لكم صيد البحر وطعامه " (2) يقتضي ظاهره، إباحة أكل السمك وطهارته بجميع أجزائه، لأن التحليل يقتضي الإباحة من جميع الوجوه.
فإن قال قائل: كما أنه تعالى خص الدم المسفوح بالآية التي ذكرتم فقد عم