هي الدم، والاشتقاق غير حاصل في الأيام الثمانية، فيجب أن يكون غير نفساء ونفساء في الزمان الذي رأت فيه الدم، لأنه بعد وضع الحمل، وقبل خروج العشرة الأيام التي هي أقصى مدة النفساء والنفاس.
فإن قيل أيام النقاء أقل من الطهر، لأن الطهر عندنا عشرة أيام أقله، فكيف حكمتم بأنها طهر، وحكمها حكم الطاهرات فيها؟
قلنا: ولا تقدمها حيض ولا نفاس، بل تقدمها طهر وأطهار، لأن الحامل على ما بيناه لا ترى دم الحيض، فالأيام وما تقدمها بمجموع ذلك أجمع طهر.
فإن رأته بعد وضعها ساعة، ثم انقطع تسعة أيام، ثم رأته اليوم العاشر، كانت جميع الأيام نفاسها، لأنها نفساء عند رؤية الدم بعد الوضع، ولم يحصل لها في أيام الانقطاع طهر وهو عشرة أيام، ورأت الدم الثاني قبل خروج العشرة وهي أقصى مدة النفاس، فكان الجميع نفاسا وهي نفساء في الجميع.
وإذا ولدت المرأة توأمين، ورأت الدم عقيبهما، فإن النفاس يكون من ولد الأول، لأن النفاس عندنا هو الدم الخارج عقيب الولادة، ولا يمنع كون أحد الولدين باقيا في بطنها من أن يكون نفاسا، وأيضا لا يختلف أهل اللغة في أن المرأة إذا ولدت وخرج الدم عقيب الولادة، فإنه يقال قد نفست، ولا يعتبرون بقاء ولد في بطنها، ويسمون الولد منفوسا، قال الشاعر وهو أبو صخر الهذلي يمدح آل خالد بن أسيد بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس:
إذا نفس المنفوس من آل خالد * بدا كرم للناظرين وطيب فسمى الولد منفوسا ومحال أن يكون الولد منفوسا إلا والأم نفساء، لأن الدم نفسه يسمى نفسا على ما قدمناه فإذا ولدت الولد الثاني ورأت الدم عقيب ولادتها، اعتبرت أقصى مدة النفاس من وقت ولادة الثاني، لأن كل واحد من الدمين يستحق الاسم بأنه نفاس، فينبغي أن يتناول كل واحد منهما اللفظ، وإذا تناول الدم الأخير الاسم