أخذه من منى، ومن سائر الحرم، كان أيضا جائزا، سوى المسجد الحرام، ومسجد الخيف، ومن حصى الجمار، ولا يجوز آخذ الحصى من غير الحرم، ولا يجوز أن يرمي الجمار، إلا بالحصى، فحسب.
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: لا يجوز الرمي، إلا بالحجر، وما كان من جنسه، من البرام، والجوهر، وأنواع الحجارة، ولا يجوز بغيره كالمدر، والآجر، والكحل، والزرنيخ، والملح، وغير ذلك، من الذهب، والفضة (1)، إلى هاهنا آخر كلامه.
وما ذكرناه، هو الصحيح، لأنه لا خلاف في إجزائه، وبراءة الذمة معه، وما عدا الحصى، فيه الخلاف، وروي عنه عليه السلام، أنه قال غداة جمع، التقط حصيات من حصى الخذف، فلما وضعهن في يده، قال: بأمثال هؤلاء، فارموا، بأمثال هؤلاء فارموا، ومثل الحصى حصى (2). وروي أنه قال عليه السلام، لما هبط مكان محسرا: أيها الناس عليكم بحصى الخذف (3) وقد رجع شيخنا أبو جعفر، في جمله وعقوده، عما ذكره في مسائل خلافه، فقال:
لا يجزي غير الحصا (4).
ويكره أن تكون صما، ويستحب أن تكون برشا، ويستحب أن يكون قدرها، مثل الأنملة، منقطة، كحلية، ويكره أن يكسر من الحصى شئ، بل يلتقط بعدد ما يحتاج الإنسان إليه، ويستحب أن لا ترمى، إلا على طهر، فإن رميت على غير طهر، لم يكن عليه شئ.
فإذا رماها، فإنه يجب أن يرميها خذفا، والخذف عند أهل اللسان، رمي الحجر، بأطراف الأصابع، هكذا ذكره الجوهري في كتاب الصحاح، يضع كل حصاة منها، على بطن إبهامه، ويدفعها بظفر السبابة، ويرميها من بطن الوادي.