لأن الإجماع حاصل، منعقد على أن الولي يلزمه أن يقضي عمن هو ولي له، ما فاته من صيام، تمكن منه، فلم يصمه، وهذا الصيام، من جملة ذلك، وداخل تحته، فإذا صام الثلاثة الأيام، ورجع إلى أهله، صام السبعة الأيام، ولا يجوز له أن يصومهن في السفر، ولا قبل رجوعه إلى أهله، فإن جاور بمكة، انتظر مدة وصول أهل بلده إلى بلده، إن كان وصولهم في أقل من شهر، فإن كان أكثر من شهر، انتظر شهرا، ولو كان من أبعد بعد، ثم صام بعد ذلك، السبعة الأيام.
ومن فاته صوم يوم قبل التروية، صام يوم التروية، ويوم عرفة، ثم صام يوما آخر، بعد أيام التشريق، ولا يجوز له أن يصوم أيام التشريق، فإن فاته صوم يوم التروية، فلا يصم يوم عرفة، بل يوم الثلاثة الأيام، بعد انقضاء أيام التشريق، متتابعات.
وقد رويت (١) رخصة في تقديم الصوم الثلاثة أيام، من أول العشر، والأحوط الأول.
فإن قيل: كيف يصام بدل الهدي، قبل وجوب الهدي، لأن الهدي ما يجب ذبحه إلا يوم النحر، ولا يجوز قبله؟
قلنا: إذا أحرم بالحج متمتعا، وجب عليه الدم، ويستقر في ذمته، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي، وقال عطا: لا يجب حتى يقف بعرفة، وقال مالك: لا يجب حتى يرمي جمرة العقبة، دليلنا: قوله تعالى: ﴿فمن تمتع بالعمرة إلى الحج، فما استيسر من الهدي﴾ (2) فجعل تعالى الحج غاية لوجوب الهدي، فالغاية وجود أول الحج، دون إكماله، يدل عليه قوله تعالى: (ثم أتموا الصيام إلى الليل) كانت الغاية، دخول أول الليل، دون إكماله كله، وإجماع أصحابنا أيضا، منعقد على ذلك، إلا أنهم أجمعوا، على أنه لا يجوز الصيام إلا يوم قبل التروية،