وقصرها، بل الواجب عليه إما تمامها، أو قصرها، إلا ما خرج بالدليل، الإجماع من تخييره في البقاع المذكورة.
وأيضا فالإنسان المكلف بالصلاة إما أن يكون حاضرا، أو مسافرا، فالحاضر ومن في حكمه، يجب عليه بالإجماع تمام الصلاة، والمسافر، ومن في حكمه، يجب عليه أيضا، بالإجماع، تقصير الصلاة، ولا ثالث معنا، وأيضا إسقاط الركعتين من الصلاة الرباعية بعد اشتغال الذمة بها، يحتاج إلى دليل شرعي، كدليل ثبوتهما، ولا دليل ولا إجماع على ذلك، لأنا قد بينا اختلاف أصحابنا في المسألة، ومن قال بها، اختلفوا في كيفيتها، وهل يكون مخيرا بين تمام الصلاة والصوم وبين قصرهما أو يكون مخيرا بين تمام الصلاة وقصرها دون الصوم، على ما حكيناه عن أصحابنا المصنفين، فإذا كان الاختلاف في المسألة حاصلا فلا يرجع، عن المعلوم المفروض المحتم على الذمم، المجمع على وجوبه، واشتغالها به بأخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا، وخصوصا على مذهب أصحابنا فقهاء أهل البيت عليهم السلام، سلفهم وخلفهم، في أخبار الآحاد، وأنهم مجمعون على ترك العمل بها، على ما بيناه، وأوضحناه في صدر كتابنا هذا.
ودليل الاحتياط أيضا يقتضي ما اخترناه، لأنه لا خلاف بين أصحابنا جميعهم، في أن المكلف، إذا تمم صلاته وصومه، في المسألة المختلفة فيها، فإن ذمته بريئة، وإذا قصر، ففيه الخلاف، فبالإجماع لا ذم على تارك القصر، وما لا ذم في تركه، ويخشى في فعله أن يكون بدعة، ومعصية، ولا تبرأ الذمة معه، ويستحق بتركه الذم، فتركه أولى وأحوط في الشريعة بغير خلاف.
وشيخنا أبو جعفر قال في جمله وعقوده: ومن يلزمه الصوم في السفر، عشرة، من نقص سفره عن ثمانية فراسخ (1).