محمد، وإن شاء قال مكان ذلك: بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله بالجميع وردت الرواية (1) ثم يرفع رأسه، ويتشهد تشهدا خفيفا، ومعنى ذلك أن يأتي بالواجب من الألفاظ فحسب، ويسلم بعده ولا بد من الكون على طهارة إذا فعلهما، فإن أحدث قبل الإتيان بهما وبعد سلامه، لا يجب عليه إعادة صلاته، بل يجب عليه التطهر، وفعلهما، ولنا فيهما مسألة قد جنحنا الكلام فيها وأشبعناه وانتهينا في ذلك إلى الغاية القصوى.
وبين أصحابنا فيما يوجب سجدتي السهو خلاف، فذهب بعضهم إلى أنها أربع مواضع، وقال آخرون في خمس مواضع، وقال الباقون الأكثرون المحققون في ست مواضع، وهو الذي اخترناه، لما فيه من الاحتياط، لأن العبادات يجب أن يحتاط لها، ولا يحتاط عليها.
وقد بينا أنه إذا سها عن التشهد الأول ولم يذكره حتى ركع في الثالثة، فالواجب عليه المضي في صلاته، فإذا سلم منها قضاه وسجد سجدتي السهو، فإن أحدث بعد سلامه وقبل الإتيان بالتشهد المنسي وقبل سجدتي السهو، فلا تبطل صلاته بحدثه الناقض لطهارته، بعد سلامه منها، لأنه بسلامه انفصل منها، فلم يكن حدثه في صلاته، بل بعد خروجه منها بالتسليم الواجب عليه.
فإذا كان المنسي هو التشهد الأخير، وأحدث ما ينقض طهارته قبل الإتيان به، فالواجب عليه إعادة صلاته من أولها، مستأنفا لها، لأنه بعد في قيد صلاته، لم يخرج منها، ولا فرغ بسلام يجب عليه، بل ما فعله من السلام ساهيا في غير موضعه، كلا سلام، بل هو في قيد الصلاة بعد، لم يخرج منها بحال، فليلحظ الفرق بين المسألتين والتسليمين، فإنه واضح للمتأمل المحصل.