ونقول:
إن لنا هنا وقفات:
إحداها: إن رواية عبد الله بن أبي أوفى المتقدمة موضع ريب وشك، لان المسلمين لم يتمنوا لقاء العدو آنئذ، بل كان الحال يزداد شدة وصعوبة عليهم يوما بعد يوم، وكان الخوف مسيطرا على الكثيرين، فإن كان النبي (ص) قد قال كلاما من هذا النوع، فلا بد أن يكون قد قاله في مناسبة أخرى، غير مناسبة الخندق.
أضف إلى ذلك: أننا نستبعد كثيرا: أن يقول النبي (ص) كلاما من هذا النوع، وذلك لما يحمل في طياته من تضعيف وتخذيل لم يكن النبي (ص) ليقدم عليه في حالات الحرب.
الثانية: إننا نجد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يلتجئ للصلاة وللدعاء، ويوجه الناس إلى الله سبحانه في هذه الظروف الحرجة، التي يكون فيها الانسان أكثر من أي وقت مضى مؤهلا للتفاعل مع الحالات الروحية.
يساعد على ذلك أنه في هذه الظروف بالذات تكون نظرته إلى الأمور واقعية وسليمة، لا تشوبها نوازع نفسية، ولا أهواء ولا غيرها مما من شأنه أن يضخم الأمور له، أو يمنعه من رؤيتها على حقيقتها.
وذلك لأنه حين تصبح القضية لها مساس بمصيره وبحياته، فإنه لا بد له من أن يحدق بها، ويكشف كل خباياها وخفاياها، وتتبلور فيه حساسية خاصة تجاه أية بادرة يلاحظها، إذا كانت تصب في نفس