لدين الله فقد نقل عنهم من اتخاذ المعلمين كتاب الله لصبيانهم والاستفتاء في فروض أعيانهم واقتفاء الأئمة للصلوات في بواديهم وتدارس القرآن بين احيائهم وتحكيم حملة الفقه في نوازلهم وقضاياهم وصاغيتهم إلى أهل الخير والدين من أهل مصرهم للبركة في آثارهم وسؤال الاعداد عن صالحيهم وأغشائهم البحر أفضل المرابطة والجهاد وبيعهم النفوس من الله في سبيله وجهاد عدوه ما يدل على رسوخ ايمانهم وصحة معتقداتهم ومنين ديانتهم التي كانت ملاكا لعزهم ومقادا إلى سلطانهم وملكهم وكان المبرز منهم في هذا المنتحل يوسف بن تاشفين وعبد المؤمن بن علي وبنوهم ثم يعقوب ابن عبد الحق من بعدهم وبنوه فقد كان لهم في الاهتمام بالعلم والجهاد وتشييد المدارس واختطاط الزوايا والربط وسد الثغور وبذل النفس في ذات الله وانفاق الأموال في سبيل الخيرات ثم مخالطة اهل العلم وترفيع مكانهم في مجالستهم ومفاوضتهم في الاقتداء بالشريعة والانقياد لإشاراتهم في الوقائع والأحكام ومطالعة سير الأنبياء وأخبار الأولياء وقراءتها بين أيديهم من دواوين ملكهم ومجالس أحكامهم وقصور عزهم والتعرض بالمعاقل لسماع شكوى المتظلمين وانصاف الرعايا من العمال والضرب على يد أهل الجور واتخاذ المساجد بصحن دورهم وشدة خلافهم وملكهم يعمرونها بالصلوات والتسبيحات والقراء المرتبين لتلاوة كتاب الله أحزابا بالعشي والاشراق على الأيام وتحصين ثغور المسلمين بالبنيان المشيد والكتائب المجهزة وانفاق الأموال العريضة شهدت لهم بذلك آثار تخلفوها بعدهم وأما وقوع الخوارق فيهم وظهور الكاملين في النوع الانساني من أشخاصهم فقد كان فيهم من الأولياء المحدثين أهل النفوس القدسية والعلوم الموهوبة ومن حملة العلم عن التابعين ومن بعدهم من الأئمة والكهان المفطورين على المطلع للاسرار المغيبة ومن الغرائب التي خرقت العادة وأوضحت أدلة القدرة ما يدل على عظيم عناية الله بذلك الجيل وكرامته لهم بما آتاهم من جماع الخير وآثرهم به من مذاهب الكمال وجمع لهم من متفرق خواص الانسان ينقل ذلك في أخبار توهم عجائب فكان من مشاهير حملة العلم فيهم سعيد بن واسول جد بنى مدرار ملوك سجلماسة أدرك التابعين واخذ عن عكرمة مولى العباس ذكره عريب بن حميد في تاريخه ومنهم أبو يزيد مخلد بن كيداد اليفرنى صاحب الحمار الخارج على الشيعة سنة ثنتين وثلثمائة الدائن بدين الخارجية أخذ العلم بتوزر عن مشيختها ورأس في الفتيا وقرأ مذاهب الإضافية من الخوارج وصدق فيه ثم لقى عمارا الأعمى الصفري النكار فتلقن عنه من مذاهبهم ما انسلخ من آية السعادة بانتحاله وهو مع ذلك من الشهرة في هذا الجيل بحيث لا يغفل ومنهم منذر بن سعيد قاضي الجماعة بقرطبة من ظواعن
(١٠٥)