إلى المغرب كما ذكرنا في أخبار الروم واختطوا بسبب البحر وما يليه من الأرياف مدنا عظيمة الخطة وسيمة المباني شهيرة الذكر باقية المعالم والآثار لهذا العهد مثل سبطلة وجلولاء ومرناق وطاقة وزناتة وغيرها من المدن التي خربها المسلمون من العرب لأول الفتح عند استيلائهم عليها وقد كانوا دانوا لعهدهم بما تعبدوهم به من دين النصرانية وأعطوهم المهادنة وأدوا إليهم الجباية طواعية وكان للبربر في الضواحي وراء ملك الأمصار المرهوبة الحامية ما شاء من قوة وعدة وعدد وملوك ورؤساء واقيال وأمراؤها لا يرامون بذل ولا ينالهم الروم والإفرنج في ضواحيهم تلك بمسخطة الإساءة وقد صبحهم الاسلام وهم في مملكة قد استولوا على رومة وكانوا يؤدون الجباية لهرقل ملك القسطنطينية كما كان المقوقس صاحب الإسكندرية وبرقة ومصر يؤدون الجباية له وكما كان صاحب طرابلس ولبدة وصبرة وصاحب صقلية وصاحب الأندلس من الغوط لما كان الروم غلبوا على هؤلاء الأمم اجمع وعنهم كلهم أخذوا دين النصرانية فكان الفرنجة هم الذين ولوا أمر إفريقية ولم يكن للروم فيها شئ من ولاية وانما كان كل من كان منهم بها جندا للإفرنج ومن حشودهم وما يسمع في كتب الفتح من ذكر الروم في فتح إفريقية فمن باب التغليب لان العرب يومئذ لم يكونوا يعرفون الفرنج وما قاتلوا في الشام الا الروم فظنوا انهم هم الغالبون على أمم النصرانية فان هرقل هو ملك النصرانية كلها فغلبوا اسم الروم على جميع أمم النصرانية ونقلت الاخبار عن العرب كما هب فجرجير المقتول عند الفتح من الفرنج وليس من الروم وكذا الأمة الذين كانوا بإفريقية غالبين على البربر ونازلين بمدنها وحصونها انما كانوا من الفرنجة وكذلك ربما كان بعض هؤلاء البربر دانوا بدين اليهودية أخذوه عن بنى إسرائيل عند استفحال ملكهم لقرب الشأم وسلطانه منهم كما كان جراءة أهل جبل أوراس قبيلة الكاهنة مقتولة العرب لأول الفتح وكما كانت نفوسة من برابر إفريقية وفندلاوقة ومديونة وبهلولة وغياتة وبنو بازاز من برابرة المغرب الأقصى حتى محا إدريس الأكبر الناجم بالمغرب من بنى حسن ابن الحسن جميع ما كان في نواحيه من بقايا الأديان والملل فكان البربر بإفريقية والمغرب قبل الاسلام تحت ملك الفرنج وعلى دين النصرانية الذي اجتمعوا عليه مع الروم كما ذكرناه حتى إذا كان الفتح وزحف المسلمون إلى إفريقية زمان عمر رضي الله عنه سنة تسع وعشرين وغلبهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح من بنى عامر بن لؤي فجمع لهم جرير ملك الفرنجة يومئذ بإفريقية من كان بأمصارها من الفرنج والروم ومن بضواحيها من جموع البربر وملوكهم وكان ملك ما بين طرابلس وطنجة وكنت دار ملكه سبيطلة فلقوا المسلمين في زهاء مائة وعشرين ألفا والمسلمون يومئذ في عشرين
(١٠٧)