ومنصور ابن حمزة هذا وذلك سنة احدى وسبعين وسبعمائة على حسين مهلك السلطان أبى اسحق مقتعد كرسي الحضرة وصاحب عصا الخلافة والجماعة وقام ابنه خالد بالأمر من بعده فنهض إلى إفريقية ودخل تونس عنوة واستولى على الحضرة سنة ثنتين بعدها وأرهف حده للعرب في الاعتزاز عليهم وقبض أيديهم عن المفاسد وذويهم فحدثت لمنصور نفرة عن الدولة ونصب الأمير أبو يحيى زكريا ابن السلطان ابن أبي يحيى جدهم الأكبر كان في احياء العرب منذ سنين كما نذكر ذلك كله في اخبار الدولة وأجلب به على تونس سنة ثلاث وسبعين فامتنعت عليهم ولم يظفروا بشئ وراجع منصور حاله عند السلطان وكشف عن وجه المناصحة وكان عشيرته قد ملوا منه حسدا ومنافسة بسوء ملكته عليهم فغدا عليه محمد ابن أخيه أبى الليل وطعنه فأشواه وهلك ليومه سنة خمس وسبعين وافترق جمعهم وقام بأمرهم من بعده صولة ابن أخيه خالد بن حمزة ويرادفه أولاد مولاهم ابن عمر فجهد بعض الشئ في خدمة السلطان ومناصحته ثم رجع إلى العصيان وكشف القناع في الخلاف واتصل حاله على ذلك ثلاثا وأدال السلطان منه ومن قومه باقتالهم أولاد مهلهل ورياستهم لمحمد بن طالب فرجع إليهم رياسة البدو وجعل لهم المنع والاعطاء فيهم ورفع رتبهم على العرب وتحيز إليه معهم أولاد مولاهم ابن عمر بن أبي الليل ونقلت أولاد حمزة سائر هذه الأيام في الحلاف ونهض السلطان سنة ثمانين إلى بلاد الجريد لتقديم رؤسائها عن المراوغة وحملهم على جادة الطاعة فتعرضوا لمدافعته عنها باملاء هذه الرؤساء ومشارطتهم لهم على ذلك وبعد ارجعوا له الجموع من دومان العرب الاعراب وذياب البدو فغلبهم عليها جميعا وأزاحهم عن ضواحيها وظفر بفرائسة من أولئك الرؤساء وأصبحوا بين معتقل ومشرد واستولى على قصورهم وذخائرهم وأبعد أولاد حمزة وأحلافهم من حكيم المفر وجاوزوا تخوم بلادهم من جهة المغرب واعتزت بعد الفساد وانفتحت أبو أب الرحمة على العباد وقد كان اعتزاز هؤلاء العرب على السلطان والدولة لا ينتهى إليه اعتزاز ولهم عنجهية وإباية وخلق في التكبر الذي هو غريزة لما انهم لم يعرفوا عهد الأول ولا يسامون باعطاء الصدقات لهذا العهد الأول اما في دولة بنى أمية فللعصبية التي كانت للعرب بعضها مع بعض يشهد بذلك اخبار الردة والحلفاء معهم مع أمثالهم مع أن الصدقة كانت لذلك العهد تتحرى الحق بجانب الاعتزاز والغلظة فليس في اعطائها كثير غمط ولا مذلة واما أيام بنى العباس حين استفحال الملك وحدوث الغلظة على أهل العصابة فلابعادهم بالقفر من بلاد نجد وتهامة وما وراءهما وأما أيام العبيديين فكانت الحاجة تدعو الدولة إلى استمالتهم للفتنة التي كانت بينهم وبين بنى العباس واما حين خرجوا بعد ذلك إلى فضاء برقة
(٧٩)