مرداس في بعض السنين غيرهم للكيد ونزلوا به فرأوا نعمة الزواودة في تلولهم تلك فشرهوا إليها وأجمعوا طلبها فحاربوهم فغلبوهم وقتلوا رزق بن سلطان واتصلت الفتنة فلما حضرهم الأمير أبو زكريا صادف عندهم القبول لتحريضه فاعصوصبوا جميعا على فتنة الزواودة وتأهبوا لها وتكررت بينهم وبين رياح الحروب والوقائع حتى أزاحوهم عن إفريقية إلى مواطنهم لهذا العهد بتلول قسنطينة وبجاية إلى الزاب وما إليه ثم وضعوا أوزار الحرب وأوطن كل حيث قسمت له قومه وملك بنو عوف سائر ضواحي إفريقية وتغلبوا عليه واصطنعهم السلطان وأثبتهم في ديوان العطاء ولم يقطع شيئا من البلاد واختص بالولاية منهم أولاد جامع وقومه فكانوا له خالصة وثم تدبيره في غلب الزواودة ورياح في ضواحي إفريقية وازعاجهم عنها إلى ضواحي الزاب وبجاية وقسنطينة وطال بالدولة واختلف حالهم في الاستقامة معها والنفرة وضرب السلطان بينهم ابن علاق فنشأت الفتنة وسخط عنان بن جابر شيخ مرداس من أولاد جامع مكانه من الدولة فذهب مغاضبا عنها وأقام بناجعته من مرداس ومن إليهم بنواحي المغرب في بلاد رياح من زاعر إلى ما يقاربها وخاطبه أبو عبد الله بن أبي الحسن خالصة السلطان أبى زكريا صاحب إفريقية يومئذ يؤنبه على فعلته في مراجعة السلطان بقصيدة منها قوله وهي طويلة قدوا المهامه بالممرية القود * واطووا فلاة بتصويب وتصعيد وبقوله سلوا دمنة بين الغضى والسواحر * هل استن فيها واكفات المواطر فأجاب عن هذه عنان بقوله خليلي عوجا بين سلع وحاجر * بهوج عناجيج نواج ضوامر يقيم عروة في النزوع عنهم السلطان بعض الشئ كما نذكره في أخبار الدولة الحفصية ثم لحق بمراكش بالخليفة السعيد من بنى عبد المؤمن محرضا له على إفريقية وآل أبي حفص وهلك في سبيله وقبر بسلا ولم يزل حال مرداس بين النفرة والأصحاب إلى أن هلك الأمير أبو زكريا واستفحل ملك ابنه المستنصر من بعده وعلا الكعوب بذمة قومه من السلطان وكان شيخهم لعهده عبد الله بن شيخة فسعى عند السلطان في مرداس وكان أبو جامع مبلغا سعايته واعصوصبت عليه سائر علاق فحاربوا المرداسيين هؤلاء وغلبوهم على الأوطان والحظ من السلطان وأخرجوهم عن إفريقية وصاروا إلى القفر وهم اليوم به من جهة بادية الاعراب أهل الفلاة ينزعون إلى الرسل ويمتارون من أطراف التلول تحت
(٧٤)