عزائمه ونبذ إليهم عهدهم على سواء ونهض من الحضرة سنة سبع وسبعين في عساكره من الموحدين وطبقات الجند والموالي وقبائل زناتة من استألف إليه من العرب أولاد مهلهل وحكيم وأصهار أولاد أبى الليل على المدافعة عن أهل الجريد ووافقوا السلطان أياما ثم أجفلوا أمامه وغلبهم السلطان على رعاياهم من تحيزه وكانوا من بقايا بنى يفرن عمروا ضواحي إفريقية مع ظواعن هوارة ونفوسة ومغراوة وكان للسلطان عليهم مغارم وجبايات وافرة فلما تغلب المغرب على بسائط إفريقية وتنافسوا في الاقطاعات كانت ظواعن من تحيز هؤلاء في اقطاع أولاد حمزة فكانت جبايتهم بهم موفورة ومالهم داثرا بما صاروا مددا لهم بالمال والكراع والدروع والادم وبالفرسان منهم يستظهرون بهم في حروبهم مع السلطان ومع قومهم فاستولى السلطان عليهم في هذه السنة واكتسح أموالهم وبعث رجالهم أسرى إلى سجون الحضرة وقطع بها عنهم أعظم مادة كانت تمدهم فخمد ذلك من عتوهم وقص من جناحهم إلى آخر الدهر ووهنوا له ثم عاد السلطان إلى حضرته وافترق أشياعه ونزع عنهم أبو صعنونة فتألف على أولاد أبى الليل وزحفوا إلى الحضرة فاحتلوا بساحتها أياما وشنوا الغارات عليها ثم انفضوا عنها وخرج على اثرهم لأول فصل الشتاء وتساحل إلى سوسة والمهدية فاقتضى مغارم الأوطان التي كانت لابي صعنونة ثم رجع إلى القيروان وارتحل منها يريد قفصة وجمع أولاد أبى الليل للمدافعة عنها وسرب فيهم صاحب توزر الأموال فلم تغن عنه وزحف السلطان إلى قفصة فنازلها ثلاثا ولجوا في عصيانهم وقاتلوه بجمع الأيدي على قطع نخيلهم وتسايلت إليه الرعية من أماكنهم وأسلموا أحمد بن القائد مقدمهم وابنه محمد المستبد عليه لكبره ودخوله فخرج إلى السلطان واشترط له ما شاء من الطاعة والخراج ورجع إلى البلد وقد ماج أهلها بعضهم في بعض وهموا بالخروج فسابقهم ابنه أحمد المستبد على أبيه وكان السلطان سرح أخاه أبا يحيى في الخاصة والأولياء إلى البلد فلقيه محمد بنواحي ساحتها فبعث به إلى السلطان ودخل هو إلى القصبة وتملك البلد وتقبض السلطان على محمد بن القائد لوقته وسيق إليه أبوه أحمد من البلد فجعل معه واستولى على داره وذخائره واجتمع المدد والكافة من أهل البلد عند السلطان وآتوه بيعتهم وعقد عليها لابنه أبى بكر وارتحل بعد السير إلى توزر وقد سار الخبر بفتح قفصة إلى ابن يملول فركب لحينه واحتمل أهله وما خف من ذخائره ولحق بالزاب وطير أهل توزر بالخبر إلى السلطان فلقيه أثناء طريقه وتقدم إلى البلد فملكها واستولى على ذخيرتها ابن يملول ونزع بقصوره فوجد بها من الماعون والمتاع والسلاح وآنية الذهب والفضة ما لا يعد لأعظم ملك من ملوك الأرض وأحضر بعض الناس
(٣٨٨)