وأحمد بن مزيد للقيام بما كان يتولاه من مدافعة العدو وكفالة الأمير أبى زكريا ابن السلطان وقدم هو على السلطان وأسكنه بقصور ملكه وفوض إليه أمور سلطانه تفويض الاستقلال فجرى في طلق الاستبداد عليه وأرخى له السلطان حبل الامهال واعتد عليه فلتات الدالة على ما كانت الظنون ترجم فيه بالمداهنة في شأن العدو والزبون على مولاه باستغلاظهم وأمهله السلطان لمكانه من حماية ثغر بجاية والاشتغال به دونه حتى إذا تجلت غمامتهم وأطل أبو الحسن عليهم من مرقبه ونهض السلطان أبو بكر إلى بجاية وخرب تيمر زدكت فأغراه البطانة حينئذ بالحاجب محمد بن سيد الناس وتنبه له السلطان فأحفظ له استبداده وتقبض عليه مرجعه من هذه الحركة في ربيع سنة ثلاث وثلاثين واعتقله ثم امتحنه بأنواع العذاب لاستخراج المال منه فلم ينبس بقطرة وما زال يستغيث ويتوسل بسوابقه من الرضاع والمربى وسوابق أبيه عند سلفه حتى لدغه العذاب فأفحش ونازل من السلطان وانخدع فقتل شدخا بالعصا وجر شلوه فأحرق خارج الحضرة وعفا رسمه كأن لم يكن والى الله عاقبة الأمور ولما تقبض السلطان على ابن سيد الناس ومحا أثر استبداده قلد حجابته الكاتب أبا القاسم بن عبد العزيز وقد كان قدم من الحج عند مبايعة ابن مكي لعبد الواحد بن اللحياني فلحق بالسلطان في طريقه إلى تيمر زدكت فلم يزل معه إلى أن دخل حضرته وتقبض على ابن سيد الناس فولاه الحجابة وكان مضعفا لا يقوم بالحرب فعقد السلطان على الحرب والتدبير لصنيعته وكبير بطانته يومئذ محمد بن الحكيم وفوض له فيما وراء الحضرة وهو محمد بن علي بن محمد بن حمزة بن إبراهيم بن أحمد اللخمي ونسبه في بني العز في الرؤساء بسبتة وجده أحمد هو أبو العباس المذكور بالعلم والدين والرأي ابن القاسم المستقل برياسة سبتة من بعد الموحدين وكان من خبر أوليته فيما حدثني به محمد بن يحيى بن أبي طالب العز في آخر رؤساء العزفيين بسبتة والمنقضي أمرهم بها بانقضاء رياسته وحدثني أيضا بها حسين ابن عمه عبد الرحمن بن أبي طالب وحدثني بها أيضا الثقة عن إبراهيم ابن عمهما أبى حاتم قالوا جميعا ان أبا القاسم العزفي كان له أخ يسمى إبراهيم وكان مسرفا على نفسه وأصاب دما في سبتة وحلف أخوه أبو القاسم ليقتادن منه ففر ولحق بديار المشرق هذا آخر خبرهم وأن محمدا هذا من بنيه وبقية الخبر عن أهل هذا البيت من سراتهم أن إبراهيم أنجب محمدا وأنجب محمد حمزة ثم أنجب حمزة عليا فكلف بالقراءة واستظهر علم الطب في إيالة السلطان أبى بكر بالثغور الغريبة وأصاب السلطان وجع في بعض أزمانه وأعياه دواؤه فجمع له الأطباء وكان فيهم على هذا فحدس على المرض وأحسن المداواة فوقع من السلطان أحسن المواقع واستخلصه لنفسه وخلطه بخاصته وأهل
(٣٤٣)