بكر إلى تونس مقدما في بطانته ورئيسا على الحاشية المتسمين بالدخلة وكان يعرف بذلك بالمزوار وكان شهما وقورا متدينا وله في الدولة حظ من الظهور وهو الذي تولى كبر السعاية في الحاجب بن القالون حتى ارتاب بمكانه ووفد إلى أبي عمران سنة احدى وعشرين كما قدمناه وولاه السلطان الحجابة مكانه فقام بها مستعينا بالكاتب أبى القاسم بن عبد العزيز لخلوه هو من الأدوات وانما كان شجاعا ذا همة ولم يزل على ذلك إلى أن هلك في شعبان سنة سبع وعشرين وأراد السلطان على الحجابة محمد بن خلدون جدنا الأقرب فأبى ورغب في الإقالة فأجيب جنوحا لما كان بسبيله منذ سنين من الصاغية في السكون والفرار من الرتب وأشار على السلطان بصاحب الثغر محمد بن أبي الحسين بن سيد الناس لتقدمة سلفه مع سلف السلطان وكثرة تابعه وحاشيته وقوة شكيمته في الاضطلاع بما يدفع إليه أخبرني بهذا الخبر أبى رحمه الله وصاحبنا محمد بن منصور بن مزنى قال لي حضرت لاستدعاء جدكم إلى معسكر السلطان بباجة يوم مهلك المزوار وأدخله السلطان إلى رواقه وغاب مليا ثم خرج وقد استفاض بين البطانة والحاشية أنه دعى إلى الخطة فاستكره وأقام السلطان يومئذ في خطة الحجابة الكاتب أبا القاسم بن عبد العزيز يقيم الرسم واستقدم خالصته محمد ابن حاجب أبيه أبى الحسين ابن سيد الناس فقدم في محرم فاتح ثمان وعشرين وولاه حجابته فاضطلع بها وجدد له العقد على بجاية وحجابة ابنه بها فدفع إليها للنيابة عنه في الحجابة صنيعته محمد بن فرحون ومعه كاتبه أبو القاسم بن المريد وجرى الحال على ذلك ببجاية وعساكر زنانة تجوس خلالها ومعاقلهم تأخذ بمخنقها وقدم ابن القالون دوين مقدم ابن سيد الناس بشفاعة من نزيله علي بن أحمد سيد الزواودة وطمع في عوده إلى الخطة وكان من خبره أنه لما تخلف عن السلطان بتونس في خدمة ابن أبي عمران رأى ركوب السفن إلى الأندلس فأعجلهم السلطان عن ذلك وخرج مع ابن أبي عمران فأجلب معه على الحضرة مرارا ولحق بتلمسان ثم جاء مع ابن الشهيد وفعل الأفاعيل ثم انحل أمر ابن الشهيد ولحق هو بالزواودة من رياح ونزل على علي بن أحمد رئيسهم لذلك العهد فأجاره وأنزله بطولقة من بلاد الزاب وخاطب السلطان في شأنه واقتضى له الأمان حتى أسعف ووفد على الحضرة مع أخيه موسى بن أحمد وفى نفس ابن القالون طمع في الخطة وسبقه ابن سيد الناس إلى السلطان فأشغل بها وجاء ابن القالون من بعده فأوصله السلطان إلى نفسه واعتذر إليه ووعده وعقد له على قفصة فسار إليها وصحب موالي السلطان من المعلوجين بشهير وفارح وأوعز ابن سيد الناس إلى مشيخة قفصة يتقبضون على حاميته ليتمكن الموالى منه فلما نزل بساحة البلد قتل في سككها فكانت لقتله هيعة تسامع الناس بعظمها من خارج
(٣٣٨)