تونس وصلحت الأحوال ثم إن ابن غانية لما تغلب على المهدية وعلى قراقش الغزي صاحب طرابلس وقد مرت اخباره في أخبار ابن غانية ثم تغلب على بلاد الجريد ثم نزل تونس سنة تسع وتسعين وافتتحها عنوة وتقبض وطالب أهل تونس بالنفقة التي أنفق وبسط عليهم العذاب وتولى ذلك فيهم كاتبه ابن عصفور حتى هلك في الامتحان كثير من بيوتاتهم ثم دخل في دعوته أهل موته وتسررت وسعارمة والأرض والقيروان وسبتة وصفانس وقابس وطرابلس وانتظمت له أعمال إفريقية وفرق العمال وخطب للعباسي كما ذكرناه في أخباره ثم ولى على تونس أخاه الغازي ونهض إلى جبال طرابلس فأغرمهم ألف ألف دينار مكررة مرتين ورجع إلى تونس واتصل بالناصر كثرة الهرج بإفريقية واستيلاء ابن غانية عليها وحصول السيد في قبضته فشاور الموحدين في أمره فأشاروا بمسالمة ابن غانية وأشار أبو محمد بن الشيخ أبى حفص بالنهوض إليها والمدافعة عنها فعمل على رأيه ونهض من مراكش سنة احدى وستمائة وبعث الأسطول في البحر لنظر أبى يحيى بن أبي زكريا الهزرجي فبعث ابن غانية ذخيرته وحرمه إلى المهدية مع علي بن الغاني ابن محمد بن علي وانتقض أهل طرابلس على ابن غانية وأخرجوا عاملهم تاشفين بن الغاني ابن محمد بن علي بن غانية وقصدهم ابن غانية فافتتحها وخربها ووصل أسطول الناصر إلى تونس فدخلوها وقتلوا من كان بها من اتباع ابن غانية ونهض الناصر في اتباع ابن غانية فأعجزه ونازل المهدية وبعث أبا محمد بن الشيخ أبى حفص للقاء ابن غانية فلقيه بتاجرا فأوقع به وقتل جبارة وكاتبه ابن اللمطي وعامله الفتح بن محمد قال ابن نحيل وكانت الغنائم من عسكره يومئذ ثمانية عشر ألفا من أحمال المال والمتاع والخرثي ولآلة ونجا بأهله وولده فأطلق السيد ابا زيد من الاعتقال بعد أن هم حرسه بقتله عند الهزيمة ثم تسلم الناصر للمهدية من يد علي بن الغازي المعروف بالحاج الكافر على أن يلحق بابن عمه فقبل شرطه ومضى لوجهه ثم رجع من طريقه واختار التوحيد فناله من لكرامة والتقريب مالا فوقه وهلك في يوم العقاب الآتي ذكره ثم فرض الناصر على المهدية واستعمل عليها محمد يغمور الهرغي وعلى طرابلس عبد الله بن إبراهيم بن جامع ورجع إلى تونس فأقام إلى سنة ثلاث وستمائة وسرح أخاه السيد أبا إسحاق في عسكر من الموحدين لاتباع العدو فدوخوا ما وراء طرابلس واستأصلوا بنى دمر ومطماطة وجبال نفوسة وتجاوزوها إلى سويقة بنى مذكور وقفل السيد أبو اسحق بهم إلى أخيه الناصر بتونس وقد كمل الفتح ثم اعتزم على الرحيل إلى المغرب وأجمع رأى على تولية أبى محمد ابن الشيخ أبى حفص وكان شيخ دولته وصاحب رأيه فامتنع إلى أن بعث إليه الناصر في ذلك بابنه يوسف فأكبر مجيئه وأناب لذلك على أن يقيم بإفريقية
(٢٤٨)