والرياح فنكره آل أبي حفص هؤلاء الزواودة ومكانهم من الوطن مما سلف من عنادهم ومشايعتهم لابن غانية في أخبارهم واصطنعوهم لمشايعة الدولة وضربوا بينهم وبين قبائل رياح وأنزلوهم بالقيروان وبلاد قصطيلة وكان آية لمحمد بن مسعود ووفد عليه في بعض السنين وفد مرداس يطلبون المكيل وينزلون عليهم فشرهوا إلى نعمتهم وقاتلوهم عليها وقتلوا رزق بن سلطان عم محمد بن مسعود فكانت بينهم وبين رياح أيام وحروب حتى رحلوهم جانب المشرق من إفريقية وأصاروهم إلى جانبها الغربي وملك الكعوب ومرداس من بنى سليم ضواحي الجانب الشرقي كلها من قابس إلى بونة ومعطة وامتاز الزواودة بملك ضواحي قسنطينة وبجاية من التلول ومجالات الزاب وريغ وواركلا وما وراءها من القفار في بلاد القبلة وهلك محمد بن مسعود فولى رياسته موسى بن محمد وكان له صيت وغناء في قومه واعتزاز على الدولة (ولما هلك يحيى) بن عبد الواحد بويع ابنه محمد المنتصر الطائر الذكر المصنوع له في الشهرة وخرج عليه أخوه إبراهيم فلحق بالزواودة هؤلاء فبايعوه بجهات قسنطينة واتفقوا على تقديمه ونهض إليه المنتصر سنة ست وستين وستمائة ففروا أمامه وافترق جمعهم وتميز إليه بنو عساكر ابن سلطان منهم ورياستهم يومئذ لولد مهدى بن عساكر ونبذوا العهد إلى إبراهيم بن يحيى ولحقوا بتلمسان وأجاز البحر إلى الأندلس وأقام بها في جوار الشيخ ابن الأحمر ثم هلك موسى بن محمد وولى رياسته ابنه شبل بن موسى واستطال على الدولة وكثر عينهم فنبذ المنتصر عهدهم ونهض إليه بعساكره وجموعه من الموحدين والعرب من بنى سليم وأولاد عساكر إخوانهم وعلى مقدمته الشيخ أبو هلال عياد بن محمد الهنتاتي وكان يومئذ أميرا ببجاية وحاول عليهم فاستقدم رؤساؤهم شبل بن موسى بن محمد بن مسعود ومعهم دريد بن تازير شيخ أولاد نابت من كرفة فتقبض عليهم لحين قدومهم وضرب أعناقهم في سريح واخذ ابن راية حيث بايعوا أبا إسحاق أخاه والقاسم بن بوزير بن أبي حفص القازع إليهم لطلب الخروج على الدولة وافترقت ظواعنهم وفروا امامه واتبعهم إلى آخر الزاب وترك شبل بن موسى سباعا ابنه طفلا صغيرا فكفله عمه مولاهم ابن موسى ولم تزل الرياسة بهم وترك سباع ابنه يحيى أيضا طفلا فكفله عمه طلحة ابن يحيى ولحق جلهم بملوك زناتة المغرب وأولاد محمد لحقوا بيعقوب بن عبد الحق بفاس وأولاد سباع بن يحيى لحقوا بيغمراسن بن زيان بتلمسان فكسوهم وحملوهم فارتاشوا وقاتلوا واحتالوا وزحفوا إلى مواطنهم فتغلبوا على أطراف الزاب من واركلا وقصور ريغ وصيروها سهاما بينهم وانتزعوها للموحدين فكان آخر عهدهم بملكها ثم تقدموا إلى بلاد الزاب وجمع لهم عاملها أبو سعيد عثمان بن محمد بن عثمان ويعرف
(٣٣)