العرب أهل الضاحية على إتاوة معلومة لكف عاديتهم وزحف تميم بالمغرب من المهدية إلى سنة ثمان وخمسين في جموعه ومعه يبقى بن علي أمير زغبة فحاصر تونس أربعة أشهر إلى أن صالحه ابن خراسان واستقام على طاعته فأفرج عنه ولم يزل قائما بأمره ابنه أحمد ابن عبد العزيز بن عبد الحق فضل عمه إسماعيل بن عبد الحق لمكان رسمه وقرابته أبو بكر إلى أن ببزرت فأقام بها خوفا على نفسه ونزع أحمد إلى التحلق بسير الملك والخروج عن سيرة المشيخة واشتدت وطأته وكان من مشاهير رؤساء بنى خراسان هؤلاء فاستبد بتونس لأول المائة السادسة وضبطها وبنى أسوارها وعامل العرب على اصلاح سابلتها فصلحت حاله وبنى قصور بنى خراساب وكان مجالسا للعلماء محبا فيهم ونازله علي بن يحيى بن العزيز بن تميم سنة عشر وخمسمائة وضيق عليه ودافعه باسعاف غرضه فأفرج عنه ثم نازله عساكر العزيز بن منصور صاحب بجاية فعاد إلى طاعته سنة أربعة عشر ولم يزل واليا على تونس إلى أن نهض سنة ثنتين وعشرين مطرف بن علي بن حمدون قائد يحيى ابن العزيز من بجاية في العساكر إلى إفريقية وملك عامة امصارها فتغلب على تونس وأخرج أحمد بن عبد العزيز صاحبها ونقله إلى بجاية بأهله وولده وولى على تونس كرامة ابن المنصور عم يحيى بن العزيز فبقي واليا عليها إلى أن مات وولى عليها بعدها أخوه أبو الفتوح بن المنصور إلى أن مات وولى مكانه ابن ابنه محمد وساءت سيرته فعزل وولى مكانه عمه معد بن المنصور إلى أن استولى النصارى على المهدية وسواحلها ما بين سوسة وصفاقس وطرابلس سنة ثلاث وأربعين وصارت لصاحب صقلية وأخرج الحسن بن علي كما هو مذكور فأخذ أهل تونس في الاستعداد والحذر واستأسدوا لذلك على واليهم وانتشر بغاتهم وربما ثاروا بعض الأيام عليه فقتلوا عبيده بمرأى منه واعتدوا عليه في خاصته فبعث عنه أخوه يحيى من بجاية فركب البحر في الأسطول وترك نائبه العزيز بن دامال من وجوه صنهاجة فأقام بينهم وهم مستبدون عليه وكان بالمعلقة جوارهم محرز ابن زياد أمير بنى على من بطون رياح وقد تغلب عليها وكانت الحرب بينه وبين أهل تونس سجالا والتحم بينهما المصف وكان محرز يستمد عساكر صاحب المهدية على أهل تونس فتأتيه إلى أن غلب النصر على المهدية وحدثت الفتنة بينهم بالبلد فكان المصاف بين أهل باب السويقة وأهل باب الجزيرة وكانوا يرجعون في أمورهم إلى القاضي عبد المنعم ابن الإمام أبى الحسن ولما غلب عبد المؤمن على بجاية وقسنطينة وهم العرب صدف ورجع إلى مراكش انتهت إليه شكوى الرعايا بإفريقية مما نزل بهم من العرب فبعث ابنه عبد الله من بجاية إلى إفريقية في عساكر الموحدين فنازل تونس سنة ثنتين وخمسين وامتنعت عليه ودخل معهم محرز بن زياد وقومه من العرب واجتمع جندهم وبرزوا
(١٦٤)