ثم قال: " وعلى هذا نبه خالي العلامة دام ظله في حاشيته على شرح الإرشاد، إلا إن ظاهره سلمه الله المصير إليه أو بقاؤه في شباك التردد من دون أن يقطع بما ذكره الأصحاب، ولعله لتوقفه في فهم الاجماع وتردده في قبول حكايته من ناقله، لعدم قطعه به، وهو حسن، ولكن الاجماع ظاهر، فالمصير إلى ما ذكروه متعين ".
قلت: لا يخفى عليك ما فيه بعد التأمل فيما ذكرناه، ضرورة أن القوة إذا كانت على وجه لا يسند الفعل إلا إلى ذيها تدفع الضمان عن السبب الذي ظاهر ما دل على التضمين به إنما هو فيما إذا لم يكن معه مباشر قوي.
نعم قد يشك في صورة ما لو قصدا الاشتراك في الاتلاف، بأن فعل ذو السبب سببه لإرادة مباشرة الاتلاف من المتلف، كما لو نصب سكينا في الأرض ليدفعه الآخر عليه مثلا، مع أن التحقيق فيها أيضا كون الضمان على المباشر الذي يسند الفعل إليه وإن كان ذلك معينا له وصار فعله من المعدات، كما هو واضح بأدنى تأمل في الفرق بين المعدات القريبة والبعيدة، ولعله لذا قالوا في القصاص: إنه يحبس ذو السبب إلى أن يموت، والقصاص على المباشر، هذا كله في اجتماع المباشرة والتسبيب.
أما اجتماع السببين بأن يحفر واحد بئرا ويضع آخر عنده حجرا فيعثر به إنسان فيقع في البئر ففي المسالك " إن اتفقا في وقت واحد اشتركا في الضمان، لعدم الترجيح، وإن تعاقبا فالضمان على المتقدم في التأثير، لاستقلاله بالضمان أولا، فكان أولى وهو سبب السبب، فيجب وجود المسبب عنده ".
وكأنه أراد ما في التذكرة قال: " ولو تعدد السبب فالضمان على المتقدم منهما إن ترتبا، كما لو حفر شخص بئرا في محل عدوانا