فقال له: لو تعلمت القرآن إلى أن تزول الشمس وصمت اليوم كان أفضل فقعد معه وصام حتى صلى الظهر والعصر، فقال له لو صبرت حتى تصلي المغرب والعشاء الآخرة كان أفضل فقعد معه حتى صلى المغرب والعشاء الآخرة، ثم نهضا وقد بلغ مجهوده وحمل عليه ما لا يطيق، فلما كان من الغد غدا عليه وهو يريد مثل ما صنع بالأمس فدق عليه بابه ثم قال: اخرج حتى نذهب إلى المسجد فأجابه أن انصرف عني إن هذا دين شديد لا أطيقه، فلا تخرقوا بهم، أما علمت أن إمارة بني أمية كانت بالسيف والعنف والجور، وإن إمامتنا بالرفق والتأليف والوقار والتقية وحسن الخلطة والورع والاجتهاد، فرغبوا الناس في دينكم وفيها أنتم فيه ".
(و) أما (المنكر) ف (لا ينقسم) إذ ليس هو إلا القبيح المحرم كما عن الشيخ التصريح به، لما عرفته من عدم كون المكروه منكرا، وحينئذ (فالنهي عنه كله واجب) كما صرح به غير واحد وكأنه اصطلاح، وإلا فيمكن قسمته إليهما أيضا على معنى وجوب النهي عن الحرام واستحباب النهي عن المكروه، فيكون حينئذ قسمين كالمعروف ولعله لذا قال ابن حمزة فيما حكي عنه " النهي عن المنكر يتبع المنكر، فإن كان المنكر محظورا كان النهي عنه واجبا، وإن كان مكروها كان النهي عنه مندوبا " وإن كان فيه أن إطلاق المنكر على المكروه غير معروف، وفي المختلف استجود هنا عبارة أبي الصلاح، قال: الأمر والنهي كل منهما واجب ومندوب، فما وجب فعله عقلا أو سمعا الأمر به واجب، وما ندب إليه فالأمر به مندوب، وما قبح عقلا أو سمعا النهي عنه واجب، وما كره منهما النهي عنه مندوب " ولا بأس به والله العالم.