نعم لو توقف تحصيل الحق على ذلك أمكن اختصاص الممتنع بالإثم دون الآخر، ولا ينافيه ما سمعته في المقبولة المحمولة على كون ذلك بالاختيار لا في نحو الفرض.
هذا كله في المرافعة لإرادة الفصل والحكم، أما المرافعة للاصلاح ونحوه فلا بأس بها عند الغير الجامع للشرائط للأصل وعموم الأمر بالصلح بين المتخاصمين، والحث عليه كتابا (1) وسنة (2) بل قد يقال بجواز طلب البينة له أيضا، والأمر على مقتضى قيامها من باب الأمر بالمعروف لا من القضاء والفصل بناءا على عدم اختصاص العمل بها بالحاكم، بل قد يقال بجواز الصلح عن إسقاط الدعوى بيمين المنكر مثلا، فإن القضاء فيه من خواص الحاكم لا ما إذا اندرج في معاملة لا فرق فيها بين الحاكم وغيره، فجائز كالصلح بمال ونحوه وإن كان لا يخلو من نظر فيما لو علم المدعي عمد المنكر على اليمين الكاذبة، وجواز تحليفه في مجلس الحكومة وإن علم بعمده إلى الكذب في اليمين للأدلة على ذلك، وعلى سقوط الدعوى بها حينئذ، وأنها ذهبت بما فيها حتى لو استعمل التورية عند فعله، فإن المدار على قصد من له اليمين دونه كما حررناه في محله.
ومن ذلك يظهر لك النظر فيما قيل من أن الناس بطريق الاحتياط وطريق الصلح غنى عن المجتهد في أغلب الفتاوى والأحكام، ويسهل الخطب على من لم يبلغ رتبة الاجتهاد من عالم وحاكم عادل أو ظالم إذا شهدت عنده البينة العادلة بثبوت الحق، فإن له الحكم على المشهود عليه بالتسليم كما لو علم من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر