يردوا إلى مأمنهم، نعم لو اتفقوا ثانيا على حاكم آخر جامع للشرائط جاز ونفذ حكمه، لعموم الأدلة، والله العالم.
(ويجوز أن يستند الحكم إلى اثنين أو أكثر) مع ملاحظة الاجتماع بلا خلاف أجده فيه، بل في المنتهى الاجماع عليه، وهو الحجة بعد إطلاق الخبر المزبور، فيعتبر حينئذ اتفاقهما على الحكم (فلو مات) مثلا (أحدهم) أو أحدهما (بطل حكم) الباقي أو (الباقين) كالوصيين المراد كون الوصي مجموعهما إلا مع الاتفاق عليه أو يعينوا غيره، وهل يجوز إسناد الحكم إلى اثنين أو أكثر على أن يكون كل واحد مستقلا ولكن التخيير بيد المسلمين مع الاختلاف في المحكوم به أو الكفار؟ وجهان، أقواهما الجواز للاطلاق، ولا يجوز النزول على حكم اثنين أحدهما كافر كما صرح به في المنتهى، بل وكذا غيره ممن فقد شرطا من شرائط الحاكم، ضرورة اقتضاء الدليل عدم الفرق بين الاستقلال والانضمام، ولو نزلوا على حكم حاكم معين فمات قبل الحكم لم يحكم عليهم غيره إلا إذا اتفقوا، ولو طلبوا غيره ممن لا يصلح للحكم لم يجابوا إليه، ولكن يردون إلى مأمنهم، وكذا لو نزلوا على حكم معين فبان أنه غير صالح للحكم، والظاهر عدم جواز التراضي بين الجميع بحكم غير الصالح، والله العالم.
(و) كيف كان فلا خلاف بل ولا إشكال بعد مشروعية التحكيم في أنه (يتبع ما يحكم به الحاكم إلا أن يكون منافيا لوضع الشرع) كالحكم بالرد إلى مأمنهم إلا إذا شرطوا في عقد الهدنة بأنهم إن لم يحكم فلان مثلا نرد إلى مأمننا، فإنه يجوز حينئذ، أو يكون منافيا لمصلحة المسلمين، إذ يجب على الحاكم ملاحظة ما فيه الحظ لهم، وحينئذ ينفذ حكمه كما نفذ حكم سعد بن معاذ في بني قريظة بقتل الرجال وسبي