فما ترى أصلحك الله؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام إن شئت أجمل لك أجملت، وإن شئت أن ألخص لك لخصت، فقال: بل أجمل، فقال: إن الله يحشر الناس على نياتهم يوم القيامة، قال:
فكأنه اشتهى أن يلخص له قال: فلخص لي أصلحك الله. فقال: هات فقال الرجل غزوت فوافقت المشركين فينبغي قتالهم قبل أن أدعوهم.
فقال: إن كان غزوا وقوتلوا وقاتلوا فإنك تجزى بذلك. وإن كانوا أقواما لم يغزوا ولم يقاتلوا فلا يسعك قتالهم حتى تدعوهم. قال الرجل فدعوتهم فأجابني مجيب وأقر بالاسلام في قلبه وكان في الاسلام فجير عليه في الحكم وانتهكت حرمته وأخذ ماله واعتدي عليه فكيف بالمخرج وأنا دعوته. فقال: إنكما مأجوران على ما كان من ذلك. وهو معك يحوطك من وراء حرمتك ويمنع قبلتك ويدفع عن كتابك ويحقن دمك خير من أن يكون عليك يهدم قبلتك وينتهك حرمتك ويسفك دمك ويحرق كتابك " ويمكن أن يريد ضمان المحترم نفسا ومالا كما سمعته من المسالك. نعم قد يمنع الضمان فيه أيضا مع تحقق اسم الدفاع في الواقع وإن لم يكن قاصدا له ولا للجائر للأصل وغيره. بل قد يقال بصدقه أيضا، خصوصا مع قصده وإن كان هو ممن تبع الجائر للجهاد معه وكان آثما، لكن ذلك لا ينافي خطاب الدفاع بعد تحقق موضوعه الذي يتبعه ما هو حكم له من عدم الضمان وغيره. فتأمل جيدا.
وكيف كان فقد تلخص مما ذكرنا أن الجهاد على أقسام: أحدها أن يكون ابتداء من المسلمين للدعاء إلى الاسلام. وهذا هو المشروط بالشروط المزبورة، والذي وجوبه كفائي، والثاني أن يدهم المسلمين عدو من الكفار يخشى منه على البيضة. أو يريد الاستيلاء على بلادهم وأسرهم وسبيهم وأخذ أموالهم. وهذا واجب على الحر والعبد والذكر