الجعالة على ذلك على وجه يدخل في الجعالة الشرعية وجب الوفاء، ولو دخل الحربي بأمان فقال له الإمام عليه السلام إن رجعت إلى دار الحرب وإلا حكمت عليك حكم أهل الذمة فأقام سنة ففي المنتهى جاز أن يأخذ منه الجزية، وإن قال له: اخرج إلى دار الحرب فإن أقمت عندنا صيرت نفسك ذميا فأقام سنة ثم قال أقمت لحاجة قبل قوله، ولم يجز أخذ الجزية منه، لأصل البراءة، بل يرد إلى مأمنه، وقال الشيخ: وإن قلنا يصير ذميا كان قويا، لأنه خالف الإمام عليه السلام، وفيه منع المخالفة بعد فرض كون المراد من الإقامة التوطن لا مثل الفرض الذي لم يعلم فيه ذلك بعد قوله: إني أقمت لحاجة، وهو شئ لا يعلم إلا من قبله.
ويجوز الأمان لمن قال من المشركين: أنا أفتح لكم الحصن مثلا لاطلاق الأدلة، وحينئذ لو فتح ثم اشتبه بين أهل الحصن فلا يقتل أحد منهم للمقدمة بل عن الشافعي ولا يسترق لذلك أيضا وعن بعض الجمهور استخراجه بالقرعة ثم يسترق الباقون، والاحتياط في الدم لا يأتي مثله في الاسترقاق ولكنه كما ترى، ومقتضى المقدمة عدم جوازهما معا، وكذا لو أسلم واحد منهم قبل الفتح فقال: كل واحد منهم أنا هو، وعن الأوزاعي يسعى كل واحد منهم في قيمة نفسه ويترك له عشر قيمته، ولا دليل عليه، بل مقتضى الدليل خلافه، والله العالم.
الفصل (الثاني) في الجعالة، لا خلاف كما اعترف به الفاضل بل ولا إشكال في أنه (يجوز لوالي الجيش) إماما أو غيره (جعل الجعائل لمن يدله على مصلحة) من مصالح المسلمين (كالتنبيه على عورة القلعة وطريق البلد الخفي) أو نحو ذلك، ويستحق المجعول له