لفظي، فإن القائل بوجوبه باللسان أولا ثم باليد أشار إلى أنه يعد فاعل المعروف بالخير، ويعظه بالقول، ويزجره على الترك، فإن أفاد وإلا ضربه وأدبه، فإن خاف وعجز عن ذلك كله اعتقد وجوب الأمر بالمعروف وتحريم المنكر، وذلك مرتبة القلب، والقائل بتقديم القلب يريد أنه يعتقد الوجوب ويغضب في قلبه غضبا يظهر على وجهه الكراهة والاعراض، والقائل بتقديم اليد يريد أنه يفعل المعروف ويتجنب المنكر بحيث يتأسى الناس به، فإن لم ينجع وعظ وخوف باللسان، فإن لم ينجع اقتصر على الانكار القلبي " وهو كما ترى، ولعله لذا قال في محكي التنقيح: " أنه مجرد تخمين لا دليل عليه ".
وعلى كل حال فمما ذكرنا يعلم وجوب مراعاة الأيسر فالأيسر في المراتب كلها، كما يعلم منه أيضا أن المراد بالجواز في المتن الوجوب بل ويعلم أيضا التخيير في الأفراد مع فرض تساويها مرتبة، ولو كان المنكر مثلا يرتفع بالقول الغليظ والضرب الخفيف اقتصر على الأول بناءا على ما ذكرنا من الترتيب بين اللسان واليد، مع احتمال التخيير مع فرض التساوي في الايذاء، وإلا وجب الأسهل، لما سمعته من القاعدة السابقة التي منها يعلم الحال في أفراد المراتب، فرب إعراض وهجر من بعض الأشخاص بالنسبة إلى بعض الأشخاص يكون أشد إيذاء من بعض الكلام وبالجملة الميزان ما عرفت، وهو مع أنه أحوط به تجتمع النصوص.
ثم إن ظاهر المصنف وغيره الاجماع على عدم توقف الضرب الخالي عن الجرح على إذن الإمام عليه السلام أو القائم مقامه، لكن في محكي نهاية الشيخ " الأمر بالمعروف يكون باليد واللسان، فأما اليد فهو أن يفعل المعروف ويتجنب المنكر على وجه يتأسى به الناس، وأما باللسان فهو أن يدعو الناس إلى المعروف، ويعدهم على فعله المدح والثواب،