فاستحلوه، فاستحل منهم، فأهل البغي يبتدؤون بالقتال " والمراد إذا كان المشركون يبتدؤونهم فنعم، وحينئذ فجواب " إذا " محذوف، وكان المشركون يرون له حرمة أي في بدء أمرهم، فأهل البغي يعني من استحل منهم يبتدؤون بالبناء للمفعول.
وفي المنتهى كان الفرض في عهد النبي صلى الله عليه وآله الجهاد في زمان دون زمان وفي مكان دون آخر، أما الزمان فإنه كان جائزا في جميع السنة إلا في أشهر الحرم، وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم، لقوله تعالى: " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " وأما المكان فإن الجهاد كان سائغا في جميع البقاع إلا الحرم، فإن الابتداء بالقتال فيه كان محرما، لقوله تعالى (1) " ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه " إذا عرفت هذا فإن أصحابنا قالوا: إن تحريم القتال في أشهر الحرم باق إلى الآن لم ينسخ في حق من يرى للأشهر الحرم حرمة للأصل، وأما من لا يرى لها حرمة فإنه يجوز قتاله فيها، وذهب جماعة من الجمهور إلى أنهما منسوختان بقوله تعالى " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " وبعث النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام إلى الطائف فافتتحها في ذي القعدة وقال الله تعالى (2) " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " أما تحريم القتال في المسجد الحرام فإنه منسوخ أي بقوله تعالى: " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " ومن ذلك يعلم الوجه في قول المصنف: (ويجوز القتال في الحرم وقد كان محرما فنسخ) بالآية المزبورة، بل وبقوله تعالى (3) " فاقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم، والفتنة أشد من القتل، ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه،