الحكم بنجاستهم، ضرورة صعوبة التحرز عنهم مع الضيافة عندهم والاقتصار على الجامد والمائع الذي لم يعلم مباشرتهم له بما ينجسه، فالمتجه حينئذ مع الحكم بنجاستهم اشتراط الضيافة عليهم بما لا يتجنبه المسلمون من حبوبهم ونحوها.
(و) كيف كان فقد ذكر المصنف أنه (لو اقتصر على الشرط) ولم يذكر إضافته إلى الجزية (وجب أن يكون زائدا على أقل مراتب الجزية) مع فرض كونها مقدرة، وإلا وجب أن يكون أزيد من أقل ما تقتضي المصلحة وضعه عليهم من الجزية، ولا يقتضي الاطلاق كون الضيافة من الجزية، للتأسي بالنبي صلى الله عليه وآله (1) فإنه شرط الضيافة زيادة على الدينار على كل نفس على نصارى إيلة، ولأنه لو شرط الضيافة من الجزية أو كان الاطلاق يقتضيه ولم يمر بهم أحد خرج الحول بغير جزية، ولأن مصرف الجزية مصرف الغنيمة، بخلاف الضيافة فإنها لا تختص بذلك، بل يجوز اشتراطها لسائر المسلمين، فلا بد معها من جزية، وفي المسالك قد صرح بهذا التفسير العلامة في التذكرة وغيره قلت: قال في المنتهى أيضا: " يجب أن تكون الضيافة زائدة على أقل ما يجب عليهم من الجزية، وهو أحد قولي الشافعي، وفي القول الثاني أنها تحتسب من الدينار الذي هو قدر الجزية عنده، لنا أن النبي صلى الله عليه وآله شرط على نصارى إيلة الضيافة زائدة على الدينار، والدينار عنده مقدار الجزية لا تجوز الزيادة عليه ولا النقصان منه، ولأنه لو شرط الضيافة عليهم من الجزية ولم يمر بهم أحد من المسلمين خرج الحول بغير جزية، وهو باطل، وفي حاشية الكركي " إنما اشترطت الزيادة ليتحقق الأمران أي الجزية والضيافة معا التي هي