خلافا للشافعي في أحد قوليه والمزني فأوجبا الحكم بينهم، لقوله تعالى (1) " وأن احكم بينهم بما أنزل الله " المخصص بالآية الأولى بل الظاهر أنه يجوز له أيضا نقض حكمهم الباطل إذا استعداه أحد الخصمين منهما للعمومات، ولخبر هارون (2) عن أبي عبد الله عليه السلام " قلت: رجلان من أهل الكتاب نصرانيان أو يهوديان كان بينهما خصومة فقضى بينهما حاكم من حكامهما بجور فأبي الذي قضى عليه أن يقبل وسأل أن يرد إلى حكم المسلمين، قال: يرد إلى حكم المسلمين ".
ولو ترافع إلينا مستأمنان حربيان من غير أهل الذمة ففي المنتهى " لا يجب على الحاكم الحكم بينهم إجماعا، لأنه لا يجب على الإمام عليه السلام دفع بعضهم عن بعض، بخلاف أهل الذمة، ولأن أهل الذمة آكد حرمة فإنهم يسكنون دار الاسلام على التأبيد " قلت: العمدة ما حكاه من الاجماع، ولو ترافع ذمي مع مسلم أو مستأمن مع مسلم وجب على الحاكم أن يحكم بينهم بما أنزل الله، لقوله تعالى: " وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم " وغيره من العمومات الدالة على ذلك، وعلى وجوب دفع الظلم والأمر بالمعروف والحكم بالعدل وغير ذلك.
ولو استعدت زوجة ذمي على زوجها في ظهار مثلا جاز الحكم عليه بحكم الاسلام، فيمنعه حينئذ أن يقر بها حتى يكفر، ولكن في المنتهى " لا يجوز له أن يكفر بالصوم، لافتقاره إلى نية القربة، ولا بالعتق لتوقفه على ملك المسلم، وهو لا يتحقق في طرفه إلا أن يسلم في يده أو