لكن لا يخفى عليك انقطاع الأصل بمعلومية كون الغرض منهما حصول ذلك في الخارج لا أنهما مرادان من كل شخص بعينه، بل يمكن دعوى عدم تعقل إرادة الحمل على المعروف باليد مثلا من الجميع، كما أنه يمكن القطع بكون المراد من هذه العمومات مثل ما ورد منها في تغسيل الميت ودفنه ونحوهما مما هو متعلق بالجميع على معنى الاجتزاء به من أي شخص منهم والعقاب على الجميع مع الترك أصلا، لا أن المراد فعله من كل واحد الذي لا يمكن تصوره باعتبار معلومية عدم إرادة التكرار كمعلومية عدم إمكان الاشتراك، كما هو واضح، هذا كله مضافا إلى الاستدلال عليه أيضا بظاهر قوله تعالى (1) " ولتكن منكم أمة يدعون " إلى آخره المراد منه التبعيض، خصوصا بعد استدلال الصادق عليه السلام، قال مسعدة بن صدقة (2) " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أواجب هو على الأمة جميعا؟ فقال: لا، فقيل ولم؟ قال إنما هو على القوي المصاع العالم بالمعروف من المنكر لا على الضعفة الذي لا يهتدون سبيلا - إلى أن قال - والدليل على ذلك كتاب الله عز وجل " ولتكن منكم أمة " إلى آخرها، فهذا خاص غير عام، كما قال الله عز وجل (3) " ومن قوم موسى أمة يهدون إلى بالحق وبه يعدلون " ولم يقل على أمة موسى ولا على كل قوم، وهو يومئذ أمم مختلفة، والأمة واحد فصاعدا
(٣٦٠)