وأن مراده بالمجاورة ثلاثا الدخول في الثالثة، فلا يرد عليه ما اعترضه به في المدارك من أن حكمه بانتقال الفرض بالدخول في الثالثة مناف لما حكم به أولا من أن إقامة السنتين لا توجب انتقال الفرض، فإن إقامة سنتين إنما يتحقق بالدخول في الثالثة، وأظهر منه في ذلك عبارة القواعد، وحينئذ يتجه الاستدلال له بالصحيحين المزبورين، كما أنه يتجه الاستدلال للقول المقابل له وهو الانتقال بالدخول في الثانية الذي يظهر من الشهيد والفاضل الإصبهاني الميل إليه بخبر عبد الله ابن سنان (1) (المجاور بمكة سنة يعمل عمل أهل مكة - قال الراوي: يعني يفرد الحج مع أهل مكة - وما كان دون السنة فله أن يتمتع) ومرسل حريز (2) (من دخل مكة بحجة عن غيره ثم أقام سنة فهو مكي) بل وبخبري الحلبي (3) وحماد (4) السابقين المشتملين على مجاورة السنة أو السنتين بناء على أنه لا معنى لذلك إلا على إرادة الدخول في الثانية.
ومن هنا بان لك صحة استظهار الشهيد له من أكثر الروايات، بل يمكن تنزيل الصحيحين المزبورين عليه ولو بقرينة هذه النصوص التي تصلح مرجحة لإحدى النسختين في أحدهما على الأخرى أيضا التي قيل إنها لا تقبل التنزيل المزبور، بل في كشف اللثام احتمالهما أيضا لسنتي الحج بمضي زمان يسع حجتين، وهو سنة كما أن شهر الحيض ثلاثة عشر يوما، وعلى كل حال فتجتمع نصوص السنة والسنتين والسنة أو السنتين حينئذ على معنى واحد.
نعم تبقى نصوص الستة أشهر أو أكثر، كصحيح حفص بن البختري (5)