فأمره أن يأمر الناس أن يحلوا إلا سائق هدي، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
إن هذا جبرئيل وأومأ بيده إلى خلفه يأمرني أن آمر من لم يسق هديا بأن يحل ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل الذي أمرتكم، ولكن سقت الهدي ولا ينبغي لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، قال: فقال له رجل من القوم - وهو عمر -: لنخرجن حجاجا ورؤوسنا تقطر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أما إنك لم تؤمن بعدها أبدا، فقال له سراقة بن مالك بن خثعم الكناني: يا رسول الله علمنا ديننا كأنما خلقنا اليوم، فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لما يستقبل وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: بل هو للأبد إلى يوم القيامة، ثم شبك أصابعه بعضها إلى بعض وقال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة) ولكن أولياؤه حملوا ذلك منه على إرادة الانتقال من حج الافراد إلى التمتع، وعلى كل حال هي مخالفة لرسول الله صلى الله عليه وآله على وجه يقتضي الكفر، وكم له وكم له، وكفى بالله حاكما.
(أما) حج (التمتع فصورته) المتفق عليها في الجملة على الاجمال (أن يحرم من الميقات بالعمرة المتمتع بها) إلى الحج ويتوصل بها إليه من قولهم حبل ماتع أي طويل، ومتع النهار طال وارتفع، أو المنتفع بها بالتحلل بينها وبين الحج، أو بالاحرام للحج من مكة، وإلا لاحتيج إلى الاحرام له من غير مكة، أو بفعلها في أشهر الحج لما يقال من أنه لم يكن تفعل في الجاهلية فيها، أو غير ذلك مما لا يجب التعرض له في النية قطعا، بل يكفي فيها قصد عمرة هذا النوع من الحج (ثم يدخل مكة فيطوف) لها (سبعا بالبيت، ويصلي ركعتيه بالمقام ثم يسعى) لها (بين الصفا والمروة سبعا ويقصر) وستعرف أن أركان العمرة من هذه: الاحرام والطواف والسعي، وأما التلبية ففيها خلاف، كمعروفية الخلاف في النية أنها شرط أو ركن (ثم ينشئ إحراما للحج من مكة) إلا مع النسيان