(و) كيف كان ف (إن تساويا) واستطاع من كل منهما (كان له الحج بأي الأنواع شاء) بلا خلاف أجده فيه أيضا سواء كان في أحدهما أو في غيرهما، لعدم المرجح حينئذ، ولاندارجه في إطلاق ما دل على وجوب الحج بعد خروجه عن المقيدين، ولو لظهورهما في غير ذي المنزلين، بل لو سلم اندراجه فيهما كان المتجه التخيير أيضا بعد العلم بانتفاء وجوب الجمع عليه في سنتين، كالعلم بعدم سقوط الحج عنه، لكن مع ذلك كله والأولى له اختيار التمتع لاستفاضة النصوص بل تواترها في الأمر به على وجه يقتضي رجحانه على غيره، أو أنه الأصل في أنواع الحج، ولعله لذا حكي عن ثاني الشهيدين احتمال تعيينه على من اشتبه حاله فلم يعلم هل هناك أغلب أو لا، مع مساواته للأول فيما قدمناه مما يقتضي التخيير ولو لأصالة عدم غلبة أحدهما على الآخر بناء على عدم انتفاء التساوي بالأصل كما في نظائره، ولذا أفتى به هو وغيره، ولكن مع ذلك فالأولى له التمتع أيضا لما عرفت، بل على القول بجوازه لأهل مكة هو الأحوط.
هذا كله مع الاستطاعة من كل منهما ولو كان في غيرهما، أما لو استطاع في أحدهما لزمه فرضه كما في كشف اللثام، لعموم الآية والأخبار، وعن بعض الحواشي حصر التخيير فيما لو استطاع في غيرهما، وفيه ما لا يخفى، ومن ذلك بان لك الحال فيما يحكى عن ثاني الشهيدين من الاشكال في حكم استطاعته، من أصالة براءة الذمة من الوجوب حيث لا يتحقق الزائد، ومن أن جواز النوع الخاص يقتضي الحكم باستطاعته، ويتوجه على تقدير التخيير أن يكون إيجاب الحج باختيار المكلف لو فرض استطاعته من مكة خاصة، إذ هو كما ترى، بل وكذا ما في المدارك من أن هذا الاشكال منتف بناء على ما قررناه من عدم اعتبار الاستطاعة من البلد، وتحققها بمجرد التمكن من موضع الإقامة على الوجه المعتبر، إذ الذي قرره سابقا اعتبار استطاعة الرجوع أيضا.