لأن ما أوقعه أولا لم يوافق أمرا به، فهو فاسد، ومن هنا كان مقتضى الأصل الفساد لا الصحة: وأما دعوى المساواة فلا ريب في أنها قياس والأصل يقتضي العكس، إذ المصحح للاحرام المستأنف إنما هو الاجماع على الصحة معه، وليس النسيان مصححا له حتى يتعدى به إلى غيره، وإنما هو مع العذر عذر في عدم وجوب العود، وهو لا يوجب الاجتزاء بالاحرام معه حيثما وقع، بل إنما يجب الرجوع إلى الدليل: وليس هنا سوى الاتفاق، ولم ينعقد إلا على الاحرام المستأنف، وأما السابق فلا دليل عليه، نعم قد يقال بصحة إحرام مصادق العذر واقعا، كما لو نسي الاحرام منها وأحرم من غيرها في حال عدم تمكنه من الرجوع إليها لو كان متذكرا، لمصادفته الأمر به واقعا حينئذ، فتأمل.
هذا كله في المعذور، أما العامد فإن أمكنه استئنافه منها استأنفه، وإلا بطل حجه ولم يفده الاستئناف من غيرها، بل قد يتوهم من نحو إطلاق المتن عدم الفرق بين جاهل الحكم وغيره، اللهم إلا أن يدعى إرادة العالم من العامد، ولعله كذلك، لتظافر الأخبار بعذره إذا أخر الاحرام عن سائر المواقيت، قال زرارة (1) (عن أناس من أصحابنا حجوا بامرأة معهم فقدموا إلى الوقت وهي لا تصلي فجهلوا أن مثلها ينبغي أن تحرم فمضوا بها كما هي حتى قدموا مكة وهي طامث حلال، فسألوا بعض الناس فقالوا: تخرج إلى بعض المواقيت فتحرم منه وكانت إذا فعلت لم تدرك الحج، فسألوا أبا جعفر (عليه السلام) فقال: تحرم من مكانها قد علم الله نيتها) وقال ابن عمار (2): (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن امرأة كانت مع قوم فطمثت فأرسلت إليهم فسألتهم فقالوا: ما ندري أعليك