وتخصيص أحد العمومين بالآخر يحتاج إلى دليل، وما ادعاه هذا القائل من الأولوية في حيز المنع) وفيه أن المستفاد من الأدلة السابقة كون مجاورة المدة المزبورة جهة مستقلة لانتقال الفرض، وليست هي من أفراد أحد العمومين، فعدم إجراء حكم المنزل عليه من حيث غلبة نزوله في الآخر لا يقتضي انتفاء جريان حكم أهل مكة من حيث المجاورة المزبورة، اللهم إلا أن يدعى اختصاص حكمها بذي المنزل الواحد، لكنه كما ترى مناف لاطلاق النص والفتوى، خصوصا بعد فرض جعل الغالب هو المنزل شرعا أو وعرفا، فهو في الحقيقة ذو منزل واحد.
ثم إن الظاهر إرادة الوطن من المنزل في الفتاوى ومن الأهل في النص، فما في المدارك من أنه يستفاد من الصحيح المزبور أن الاعتبار بالأهل لا المنزل وتبعه عليه في الحدائق كما ترى، هذا، وفي كشف اللثام - بعد أن ذكر في تفسير ذي المنزلين أنهما اللذان يراد استيطانهما معا اختيارا أو اضطرارا إليهما أو إلى أحدهما لخوف مثلا - قال (وكذا إذا لم يرد استيطان شئ من المنزلين ولا اضطرارا، بل كان أبدا مترددا أو محبوسا فيهما) ولو كان محبوسا في أحدهما من دون إرادة استيطانه مستوطنا للآخر ولو اضطرارا فالظاهر أنه من أهل الآخر، وصحيح زرارة (1) إنما يتناول بظاهره الاستيطان الاضطراري بل الاختياري) إلى آخره، وفيه ما لا يخفى، إذ لا ريب في أن المتردد والمحبوس فيهما بعد فرض كون وطنه غيرهما حكمه حكم أهل وطنه، ولا يجري عليه حكم أغلبهما بل وكذا لو نزل على من لم يكن له وطن بل كان أبدا مترددا بينهما أو محبوسا فيهما فإن إجراء حكم الأغلب قياسا على ذي المنزلين المراد منهما الوطنان واضح المنع، بل المتجه فيه التخيير أو التمتع بناء على أنه الأصل.