حصر التحريم في الشم يقتضي عدم الفرق بينها وبين السوق والمتطيب كما هو واضح بل يمكن أن يكون ذلك من الضرورة التي لا خلاف في الجواز معها، بل في كشف اللثام الاتفاق عليه، لنفي العسر والحرج في الدين، وصحيح إسماعيل بن جابر (1) (وكانت عرضت له ريح في وجهه من علة أصابته وهو محرم قال: فقلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الطبيب الذي يعالجني وصف لي سعوطا فيه مسك فقال: اسعط به) وفي خبره الآخر (2) عنه (عليه السلام) أيضا (سألته عن السعوط للمحرم وفيه طيب فقال: لا بأس) المحمول على حال الضرورة جمعا.
وكيف كان فقد بان لك وجوب اجتناب المحرم الطيب شما وتطيبا وأكلا (ولو في الطعام) لعموم الأدلة وإطلاقها، مضافا إلى خصوص بعض النصوص السابقة، بل في التذكرة نسبته إلى إجماع علماء الأمصار، لكن ينبغي اعتبار عدم استهلاكه فيه على وجه يعد أنه آكل له ومستعمل إياه ولو ببقاء رائحته التي هي المقصد الأعظم منه، كما أن المقصد الأعظم من الزعفران لونه أيضا، أما إذا استهلك على وجه لم يبق شئ من صفاته لم يحرم، للأصل بعد عدم صدق أكله واستعماله، وربما يؤيده في الجملة صحيح عمران الحلبي (3) عن الصادق (عليه السلام) (إنه سئل عن المحرم يكون به الجرح فيداوي بدواء فيه الزعفران فقال:
إن كان الزعفران الغالب على الدواء فلا، وإن كانت الأدوية الغالبة فلا بأس) فما عن الخلاف والتحرير والمنتهى وموضع من التذكرة من حرمة أكل ما فيه طيب وإن زالت أوصافه لعموم النهي عن أكل ما فيه طيب أو زعفران أو مسه واضح الضعف بعد ما عرفت من منع تناول العموم له، ولم نجد في النصوص المعتبرة