لكن في كشف اللثام قد استدل به على تأكد الندب عند هلال ذي الحجة الذي ذكره المصنف وتبعه الفاضل، ثم قال: ويحتمل اختصاصه بمتمتع دخل مكة، وهو حينئذ محرم، وألزمه المفيد الدم بالحلق بعد هلال ذي القعدة، وهو الذي أوجب نسبة وجوب التوفير إليه، لكن ابن سعيد وافقه فيه مع أنه قال: ينبغي لمن أراد الحج توفير شعر رأسه ولحيته، قلت: ومن هنا لا صراحة في كلامه بالمخالفة وإن قلنا بوجوب الدم، مع امكان إرادته الندب منه أيضا، نعم لا يخفى عليك عدم دلالته على التأكد المزبور، بل في الرياض في كل من الاستدلال به على ذلك والاحتمال المذكور نظر، وإن كان في النظر في الأخير نظر، ضرورة احتمال الخبر المزبور لذلك على أن يكون المراد بيان حكم التمتع الذي دخل مكة في شوال وفي غيره، فلا بأس بالحلق فيه بعد الاحلال من عمرة التمتع لبقاء زمان توفير الشعر فيه للحج، بخلاف ما إذا كان في ذي القعدة مثلا، وحينئذ يراد من الثلاثين فيه الثانية الكناية عن شوال التي بمضيها تحل الثلاثون التي يوفر فيها الشعر للحج، فقوله (عليه السلام): (التي يوفر فيها الشعر للحج) كالوصف للأيام المستفادة من قوله (عليهما السلام): (بعد) وهي أيام ذي القعدة، ولعل هذا أولى مما في الحدائق من تقدير بعد دخول الثلاثين لا مضيها ردا علي صاحب المدارك، ضرورة كون المنساق من قوله (بعد) معنى المضي لا الدخول، لكن ما ذكرناه أحسن وعلى التقديرين تصلح دلالة الخبر المزبور، إلا أن الانصاف مع ذلك كله عدم وضوح دلالة الخبر على وجه يصلح لاثبات الوجوب كما سمعته من المفيد، نعم لا بأس بالقول باستحباب إهراق الدم بذلك.
ثم لا يخفى عليك إطلاق النصوص المزبورة، إلا أن المصنف تبعا للشيخ وابن حمزة قيده بالتمتع، وتبعه الفاضل في كثير من كتبه، ولا ريب أن الأول أولى، وأولى منه ذكر استحباب توفيره للعمرة المفردة شهرا، كما صرح به في