فمن الغريب ما في المدارك من أن إطلاق العبارة يقتضي أنه لا إعادة على الأعمى مع التعويل على الأمارة مطلقا وإن تبين الخطأ، فيكون التفصيل الآتي مخصوصا بغير الأعمى، وأشكله بعموم الأخبار الآتية، وخصوص صحيح عبد الرحمان السابق، ثم قال: ويمكن حمل النفي المدلول عليه بالسياق في العبارة على نفي الإعادة مطلقا أي في جميع الأحوال بقرينة أن الإعادة في الصورة الثانية، وهي ما إذا عول على رأيه من دون إمارة ثابته على كل حال وإن ظهرت المطابقة، لدخوله في الصلاة دخولا منهيا عنه، وحينئذ فلا ينافيه ثبوت الإعادة في الصورة الأولى على بعض الوجوه، وهو كما ترى فيه من التكلف ما لا يخفى، على أنه لا داعي إليه، ضرورة كون المراد عدم الإعادة من هذه الحيثية دفعا لما عساه يتوهم من كون تكليف الأعمى الرجوع إلى غيره، وأنه لا يجوز له التعويل حينئذ على رأيه وإن كان أقوى عنده من قول المبصر، بل قد يوهمه فرض المسألة في الذكرى في لمس الأعمى الكعبة بيده، أو محراب مسجد لا يشك فيه، ونحوها مما لا يدخل تحت الأمارة الظنية، لكن قد عرفت أن التحقيق دوران أمره على أقوى الظنون الحاصلة له من غير فرق بين الغير وغيره.
وكيف كان فالمراد التعويل على رأيه للأمارة سواء سأل المبصر وأخبره بخلاف تلك الأمارة التي هي مساوية أو أقوى عنده من إخباره، أو لم يسأله إلا أنه علم بذلك لو أخبر المبصر بخلافها، أما إذا احتمل إخبار المبصر بخلافها وأنه لو كان فهو أقوى من تلك الأمارة لم يجز له التعويل عليها، لعدم كونه من التحري جهده، وهل يجب عليه سؤال المبصر في الصورة الأولى، لوجوب أقوى الظنون عليه بعد تعذر العلم، فيحتمل وفاقه للأمارة فتزداد قوة، أو لا يجب، لكون المفروض قوة الأمارة على فرض خلاف المبصر، والأصل براءة الذمة من وجوب طلب ترك المرتبة من الظن الموافق؟
وجهان، قد يومي إلى الأول مع كونه أحوط ما في كشف اللثام، فإنه بعد قول الفاضل: