وإن قلت: إن المنع عن حجية ظن المصحح ليس من جهة عدم حجيته بنفسه مع قطع النظر عن حصول الظن منه للمصحح له حتى يورد بحجية الظن الحاصل عن الظن المزبور للمصحح له، بل الغرض كون العمل بالتصحيح من باب التقليد ولو تحصل الظن للمصحح له.
قلت: إن التقليد غير صادق، ولاسيما بناء على عدم اعتبار الظن في التقليد كما هو الحال في الرجوع إلى كلمات أرباب الرجال واللغة والتفسير، ويظهر الحال بما مر.
كيف لا، ولو كان الظن المتحصل من التصحيح غير معتبر بعد الفحص لما كان الظن المتحصل من قول أرباب الرجال معتبرا أيضا بلا إشكال.
وإن قلت: إن الغرض عدم اعتبار الظن الحاصل من قول الفقيه الواحد للمجتهد بملاحظة الإجماع على عدم اعتبار الظن الناشئ من قول الفقيه الواحد للمجتهد.
قلت أولا: إن الإجماع محل المنع، كيف وقد حكى الشهيد في الذكرى عن الأصحاب أنهم كانوا يتمسكون بفتاوى ابن بابويه في الشرائع عند إعواز النصوص؛ لحسن ظنهم به، وأن فتواه كروايته (1).
وهذا لو لم يقتض الإجماع على الجواز، فلا أقل من اقتضائه اشتهار القول بالجواز.
بل يرشد إلى الجواز ذكر الصدوق فتاوى والده - أعني ابن بابويه - في رسالته إليه حيث إنه قد تعهد في فاتحة الفقيه أن لا يورد فيه إلا ما يفتي به ويحكم بصحته ويعتقد أنه حجة فيما بينه وبين ربه (2) بناء على عدم الرجوع عنه.
وقال في الذكرى عند الكلام في موالاة الوضوء: " وفي من لا يحضره الفقيه