ثم قال في الفصول: " ويمكن أن يختار الوجه الثاني أيضا، ويجاب: بأن المحمول ليس مصداق الشئ والذات مطلقا، بل مقيدا بالوصف، وليس ثبوته حينئذ للموضوع بالضرورة، لجواز أن لا يكون ثبوت القيد ضروريا " (1).
وأورد على هذا الجواب في الكفاية (2) بما حاصله: أن عدم كون ثبوت القيد ضروريا لا يضر بدعوى الانقلاب، فإن المحمول في قضية " كل إنسان إنسان له الكتابة " التي تكون معنى " كل إنسان كاتب " إن كان ذات المقيد وكان القيد خارجا والتقيد داخلا لكي يكون المحمول نفس الحصة والكلي المقيد من الإنسان فالقضية لا محالة ضرورية، ضرورة ثبوت كل من حصص الكلي واتحاده مع ذلك الكلي، فالإنسان الخاص - أعني الإنسان الذي له الكتابة بحيث لا يكون النظر إلى إثبات القيد - ضروري الثبوت للإنسان وإن كان المحمول، هو المقيد بما هو مقيد حتى يراد حمل الكتابة أو الضحك، وإثباته وحمله أيضا على الإنسان، فحينئذ قضية " الإنسان ضاحك " تنحل إلى قضيتين: قضية " الإنسان إنسان " وقضية " الإنسان له الضحك "، وذلك أن المفروض أن مفهوم قضية " الإنسان ضاحك "، هو قولنا: " الإنسان إنسان له الضحك "، وحيث إن المفروض أيضا أن القيد بنفسه أيضا قد أريد حمله على الموضوع فلا محالة ينحل المحمول المقيد إلى محمولين: هما " إنسان " و " له الضحك " وهذا بعينه انحلال القضية إلى هاتين القضيتين، وبعده فإحدى القضيتين - وهي قولنا: " الإنسان إنسان " - ضرورية، وكفى بها في صدق الانقلاب الذي ادعاه، وإن كان القضية الأخرى - أعني " الإنسان له الضحك " - موجهة بمادة الإمكان.
هذا محصل كلام الكفاية بعد تهذيبه عن الزيادة المضرة بالمقصود، وتبديلها بما هو تكملة في بيانه، وذلك أن مسألة انحلال عقد الوضع وعقد الحمل كل منهما، إلى قضية مما لا ربط لها بمحل الكلام، إذ لم يركن الشريف ولا صاحب الفصول إليه، ولا كان مرجع كلامهما إليه، ولا حاجة إليه، ولا تتم به دعوى الكفاية، كما