نعم، ما ذكره صاحب الكفاية في آخر المقال بقوله: " يمكن أن يستدل على البساطة بضرورة عدم تكرار الموصوف في مثل " زيد الكاتب " ولزومه من التركب " (1) أيضا صحيح، فإن عدم التكرار المذكور من لوازم بساطة الموضوع له، ودليله من باب الاستدلال بالمعلول على العلة، ومن برهان اللم.
ثم إنه قد نقل عن السيد الشريف في حاشيته على شرح المطالع في الاستدلال على بساطة مفهوم المشتق ما خلاصته: أن المراد بالذات والشئ - الذي يقول القائل بتركب مفهومه منه - إن كان مفهومهما لزم دخول العرض العام في مفهوم الفصل في تعريف الأنواع بالجنس والفصل. وإن أريد ما صدق عليه الذات والشئ يلزم أن ينقلب مادة الإمكان الخاص ضرورة في قولنا: " كل إنسان كاتب أو ضاحك "، لأن ذاتا أو شيئا له الكتابة أو الضحك هو الإنسان لا غير، وثبوت الشئ لنفسه ضروري.
قال في الفصول إيرادا عليه: ويمكن أن يختار الوجه الأول، ويدفع الإشكال بأن كون الناطق - مثلا - فصلا مبني على عرف المنطقيين، حيث اعتبروه مجردا عن مفهوم الذات، وذلك لا يوجب أن يكون وضعه لغة كذلك (2) انتهى. يعني أن المنطقيين أرادوا منه معنى بسيطا، مع أنه في اللغة وضع لمفهوم مركب من الذات ونسبة المبدأ إليها، فهم استعملوه في غير معناه اللغوي.
والكفاية استظهر أن المنطقيين أيضا أرادوا منه معناه اللغوي، فلا مجال للجواب عنه بما في الفصول فأجاب عن الشريف: بأن ما ذكروه فصلا فهو فصل مشهوري منطقي، لا فصل حقيقي، وإلا فالفصل الحقيقي لا يعلمه إلا الله، أو الأوحدي من الناس.
أقول: ومع ذلك كله فهو استدلال بفهم المنطقيين واستظهارهم، ولا حجة فيه إذا قام أدلة تعيين الموضوع له من التبادر وغيره على خلافه.