للذات، فحاصل مقصوده: أنه إذا جعل المحمول، هو الذات المقيدة بوصف الكتابة بأن يقال: " زيد زيد الذي له الكتابة بالفعل أو بالقوة " كانت قضية ضرورية، إما في جانب الإيجاب كما في المثال، وإما في جانب السلب فيما إذا لم تكن الذات مقيدة بالمحمول واقعا، فعلى أي حال انقلبت مادة الإمكان ضرورة: إما وجوبا وإما امتناعا. هذا.
وهذا الذي ذكرناه في توجيه كلامه هو الذي يقتضيه تركب مفهوم المشتق الذي هو المحمول من ذات وقيد منتسب إليها، وهو الموافق للنسخ المصححة من الفصول.
وعليه فلا يرد عليه ما في الكفاية " من أنه خروج عن محل الكلام، وفرض للبحث فيما كان موضوع القضية مشروطا بالمحمول، فكانت ضرورة بشرط المحمول " (1). وذلك أنه على ما ذكرنا فلم يقيد الموضوع، ولم يشرط بشئ أصلا، بل الموضوع، هو نفس الذات بلا قيد أصلا، وإنما القيد جئ في جانب المحمول، وكان هذا التقييد في المحمول، هو مقتضي تركب مفهوم المشتق من " ذات " و " مبدأ " منتسب إليها كما عرفت.
لكنه يرد عليه: أن ما ذكره " من أن الذات المقيدة إن كان مقيدة واقعا صدق الإيجاب بالضرورة، وإلا صدق السلب بالضرورة، ممنوع، وذلك أن القيد إذا لم يكن من لوازم الذات كما هو المفروض، فتقيد الذات به واقعا تابع لوجود علة القيد، كما أن تقيدها بعدمه تابع لعدمها، فضرورة وجود التقيد أو عدمه ناشئة عن وجود العلة وعدمها، فهي ضرورة بشرط العلة، وليست ضرورة ذاتية حتى توجب انقلاب المادة عن الإمكان إلى الضرورة.
ثم قال الفصول: ولا يذهب أنه يمكن التمسك بالبيان المذكور على إبطال الوجه الأول أيضا، لأن لحوق مفهوم الذات أو الشئ لمصاديقهما أيضا ضروري، ولا وجه لتخصيصه بالوجه الثاني. إنتهى (2).