إلا أنه غيره، وهو كاف في ملاك الوجوب الغيري.
ومما يجب التنبه له: أن الجزئية والكلية وإن انتزعتا عن ذات كل من الاجزاء ذوات المجموع لا بما أنها منضمة ومجتمعة بل حين الاجتماع - وهما متضائفان متكافئان قوة وفعلا - إلا أن المأمور به بالأمر المقدمي لا يشترط ولم يشترط بصدق الجزء عليه بالفعل، بداهة أن المأمور به بهذا الأمر قد أخذ بحيث يحصل امتثال أمره عند وجوده، وإن كان مشروطا بتعقب الأجزاء الاخر، لكن امتثال أمره يحصل في ظرف وجوده، ولم يحصل باقي الأجزاء بعد، ومعلوم أنه في هذا الظرف - وهو ظرف عدم حصول جميع الأجزاء فعلا - لا ينتزع منه الجزئية بالفعل، إذ لم يحصل كل حتى يكون قد حصل جزء، فالمأمور به ليس المتصف بالجزئية فعلا، واعتبار وجودها ولو بنحو الشرط المتأخر وإن أوجب ضيقا في المأمور به إلا أنه لا يعقل أن يوجب اتصافه بالجزئية قبل حصول منشأ انتزاعها.
بل لا يبعد أن يقال: إن المأمور به بالأمر النفسي أيضا وإن كان هو المركب، إلا أنه أيضا لم يقيد بالكلية، وإلا لاقتضى عدم حصول الامتثال أصلا إلا بعد حصول آخر جزء منه، والوجدان والارتكاز العرفي شاهد على خلافه، بل هو من أول وجوده امتثال، فجميعه من حين وجود أول جزء منه إلى آخره امتثال واحد تدريجي وإن كان مشروطا بتتميمه وتكميله.
ومنه يظهر أن ما يظهر من كثير من الكلمات من لزوم اعتبار الأجزاء مجتمعة لحصول المقدمة محل نظر، إذ ليس المقدمة هو الجزء بما أنه جزء حتى يحتاج إلى هذا الاعتبار، بل ذات المقدمة هو ذات ما يصير جزءا، واعتبار ترتب ذي المقدمة عليها مبني على وجوب خصوص الموصل من المقدمات، فافهم واستقم.
ثم إن ظاهر كلام التقريرات: أن الجزء إذا لوحظ لا بشرط يتحد مع الكل، بخلافه إذا لوحظ بشرط لا عن الاتحاد، فإنه عليه غير الكل، والشق الأول من كلامه بظاهره واضح الإشكال كما أفادوا، فإن ما يباين وجوده في الخارج وجود آخر لا يتحد معه وإن لوحظ لا بشرط عن الاتحاد ألف مرة.