ببقائه، فإذا احتمل عدم حصوله احتمل بقاء الأمر، فيجب مقدمة للعلم بإسقاط الأمر المعلوم إتيانها بقصد القربة، فالحكم بوجوب قصد القربة لا لمكان وجوب تحصيل الغرض، بل لمكان احتمال عدم سقوط الأمر المعلوم باحتمال بقائه، وحينئذ فلا وجه لما أفاده المحقق صاحب النهاية من رجوعه إلى الوجه الأول.
وكيف كان فالجواب عنه: أن الأمر المتعلق بمتعلق معلوم ليس حجة بحكم العقل إلا على نفس متعلقه، فإن لم يسقط بترك متعلقه كان الأمر حجة على العبد.
وأما إذا كان عدم سقوطه مستندا إلى أمر خارج عن المأمور به ولم يبينه المولى فالأمر ليس حجة عليه، واحتمال بقائه المستند إلى احتمال اعتبار ذلك الخارج ليس بمنجز، ولا لازم الرعاية بحكم العقل. هذا.
ثم هل القول بالبراءة أو الاشتغال هنا - على غير القول بإمكان أخذه في متعلق الأمر الأول - ملازم للقول به في باب الارتباطيين، أو هو هنا أوضح؟
تحقيق المقام أن يقال: إن القول بالاشتغال هناك إن كان مستندا إلى احتمال عدم حصول الغرض بفعل الأقل، أو إلى ملازمة فعلية الوجوب المتعلق بالأقل من ناحية وجوب الأكثر - على فرض وجوده - لوجوب الأكثر، لارتباطيته في تحصيل الغرض، أيضا، فهو يلازم القول به هاهنا، إذ ذلك الاحتمال هاهنا موجود.
كما أنه لو فرض عدم إتيان الفعل بقصد القربة وكان قصدها دخيلا في الغرض لما كان الفعل مطلوبا أصلا، اللهم إلا على كون الأمر بالقربة بأمر ثان مستقل، وكون الأمر بنفس الطبيعة أيضا مستقلا.
وأما إن كان مستندا إلى صرف عدم تسليم انحلال الأمر بالأكثر بنحو الانبساط فهو غير ملازم للاشتغال هنا، بل حيث إن المفروض هنا توجه أمر مستقل إلى نفس الطبيعة فاللازم هو البراءة.
كما أنه إن كان مستندا إلى عدم إمكان التفكيك بين الوجوب العلي والمعلولي في التنجز فلازمه القول بالبراءة هاهنا، إلا على القول بأن الأمر الأول مقدمي غيري.