مقدمي - كما أختاره في نهاية الدراية - فالظاهر أيضا حكم العقل بالبراءة عن ذلك الأمر النفسي أو الغيري المنجز لذلك الأمر النفسي المعلوم من جهة قصد القربة أيضا، وفعلية الطلب المتعلق بنفس الطبيعة وإن كانت موقوفة - بمقتضى وحدة الغرض - على فعلية الأمر بقصد القربة - على فرض اعتباره - إلا أنه غير مانع عن حكم العقل بالبراءة، كما بين ذلك في باب الأقل والأكثر الارتباطيين.
وبالجملة: فالقول بالبراءة هنا على هذه الوجوه الثلاثة مبني على القول بها في الأقل والأكثر، وعدم التوقف فيها لأجل تلك الشبهة، وسيأتي لذلك مزيد توضيح إن شاء الله تعالى.
وأما بناء على امتناع الأمر بقصد القربة مطلقا - كما هو مختار الكفاية - فقد قرب حكم العقل بالاحتياط.
تارة من ناحية حكمه بلزوم تحصيل غرض المولى، وهو مذكور مع الجواب عنه ونقضه وإبرامه في نهاية الدراية (1)، إلا أن الذي ينبغي التنبيه عليه: هو أنه بناء على مختار الكفاية (2) فالغرض الداعي إلى الأمر بنفس الطبيعة ليس سوى الغرض الذي يقوم بها بشرط إتيانها بداعي القربة، وفي الحقيقة الأمر المولوي بها لمكان أنها تمام ما أمكن للمولى الأمر به، وإلا فلو أمكنه لأمر بها مقيدة أو منضمة بقصد القربة أيضا، والحاصل: أن الغرض أخص من المأمور به على مختاره، لا أنه يرى الأمر بالطبيعة أمرا غيريا أو للغير، فما يظهر من النهاية في هامشها (3) لعله خلاف، مبناه.
وتارة من ناحية حكمه بلزوم إسقاط التكليف المعلوم وإن لم يجب تحصيل الغرض، وهذا هو المذكور في الكفاية، وبيانه: أن الأمر بالطبيعة معلوم لا إبهام في متعلقه، فالبيان عليه تمام فيجب القطع بإسقاطه، وحيث إنه معلول الغرض، باق