المقام الثاني وجه تقدم الأمارات على أدلة البراءة الشرعية وهو الحكومة إن كان التمسك في الأمارات بالأدلة اللفظية، لأن قوله: (رفع... ما لا يعلمون) (1) أو (الناس في سعة ما لا يعلمون) (2) محكوم بمفهوم آية النبأ وسائر الأدلة، لأن مفادها إلغاء الشك، فتعرض لموضوع أدلة البراءة، وهي لا تتعرض له.
فإن قلنا: بأن المراد مما لا يعلم هو عدم الحجة - كما هو التحقيق - تكون نتيجة الحكومة هي الورود، وإلا تكون النتيجة إعدام الموضوع تشريعا وتعبدا، والتخصيص لبا، وهو من أقسام الحكومة، كما عرفت (3).
المقام الثالث وجه تقدم أدلة الاستصحاب على أدلة الحل والبراءة الشرعيتين هو الحكومة ونتيجتها الورود، لأن مفاد (لا تنقض..) كما عرفت إطالة عمر اليقين تعبدا، وأن الشك لا أهلية له لنقضه، فيكون اليقين غير منقوض وباقيا تعبدا، وهذا من أظهر أنحاء الحكومة، وأما كون النتيجة هي الورود فلما عرفت: من أن المراد من (ما لا يعلمون) عدم الحجة، لا عدم العلم وجدانا، وإن كان مفاد الأدلة إلغاء الشك حكما والتعبد بعدم الاعتناء به، فتكون حاكمة أيضا على ما جعل الحكم على عنوان الشك وعدم العلم وإن كان مفادها عدم نقض الحجة بلا حجة فتكون حاكمة