وليس الورود في عرضها، فإن حيثية تقدم دليل على دليل آخر ليست إلا على نحوين، أحدهما: التقدم الظهوري، والثاني: التقدم على وجه الحكومة سواء كانت نتيجتها رفع الموضوع حكما، أو رفعه حقيقة، فالورود ليس من أنحاء تقديم دليل لفظي على دليل آخر في مقابل التخصيص والحكومة.
وإن شئت قلت: تقسيم تقدم دليل على آخر بين التقدم الظهوري وعلى نحو الحكومة حاصر دائر بين النفي والإثبات، فلا يعقل قسم آخر في الأدلة اللفظية يسمى " ورودا " فإن أحد الدليلين إما أن يتعرض لما يتعرض له الدليل الآخر، أو يتعرض لما لا يتعرض له، ولا ثالث لهما.
نعم: يتصور ثالث، هو عدم التعرض رأسا، وهو خارج عن المقسم.
فأدلة الأمارات بناء على أخذها من الأدلة اللفظية حاكمة على أدلة الأصول والاستصحاب، لأن مفادها التصرف في موضوعها إعداما، وهي حيثية لا تتعرض لها تلك الأدلة، فنتائج الحكومة أمور كثيرة: كالتخصيص، والتقييد، والورود، وإعدام الموضوع تعبدا، أو إيجاده كذلك، وتوسعة دائرة الموضوع حكما، أو الحكم على عكس التخصيص والتقييد، فالورود ليس من أنحاء التقديم في الأدلة اللفظية، ولا مشاحة في الاصطلاح.
نعم: لا بأس بتسمية تقديم بعض الأدلة اللبية على بعض - كتقدم بناء العقلاء على العمل بخبر الثقة على قبح العقاب بلا بيان - بالورود، كما أنه لا بأس بتسمية تقدم بعض الأدلة اللفظية كأدلة الأمارات والاستصحاب على قبح العقاب بلا بيان بالورود.
فتحصل مما ذكرنا: الفرق بين التخصيص والحكومة.
وأما تقسيم الحكومة إلى الظاهرية والواقعية كما صنعه بعض أعاظم العصر (1)