ولا إشكال في عدم تقدم الأصل السببي على المسببي إذا كانت السببية عقلية أو عادية وسيأتي بيان وجهه (1).
وأما إذا كانت السببية شرعية، سواء كانت مع الواسطة أم لا، فسر تقدم الأصل السببي يظهر من التنبيه على أمر قد أشرنا إليه سابقا في باب الأصول المثبتة (2)، وهو أن قوله: (لا ينقض اليقين بالشك) لا يمكن أن يكون متكفلا للآثار مع الواسطة حتى الشرعية منها، لأن الآثار مع الواسطة لا تكون آثار نفس المستصحب بالضرورة، بل تكون أثر الأثر، وأثر أثر الأثر وهكذا، فأثر عدالة الشاهدين صحة الطلاق عندهما، ولزوم تربص ثلاثة قروء أثر صحة الطلاق، لا أثر عدالة الشاهدين، فصحة الطلاق إذا ثبتت بقوله: (لا ينقض اليقين بالشك) لا يمكن أن يترتب عليها أثرها ب (لا ينقض..) أيضا، لأن الحكم لا يمكن أن يوجد الموضوع ويترتب عليه ولا يكون أثر الأثر مصداق نقض اليقين بالشك تعبدا حتى يقال: إن لا تنقض قضية حقيقية تشملها، كما يجاب عن الشبهة في الأخبار (3) مع الواسطة، فاستصحاب عدالة زيد لا يمكن أن يترتب عليه إلا آثار نفس العدالة، وأما آثار الآثار فتحتاج إلى دليل آخر.
فالتحقيق: أن ترتب الآثار على الاستصحابات الموضوعية ليس لأجل قوله:
(لا ينقض اليقين بالشك) بل الاستصحاب منقح لموضوع كبرى شرعية مجعولة تعبدا، فإذا ورد من الشارع " يصح الطلاق عند شاهدين عدلين "، فاستصحاب عدالتهما ينقح موضوع تلك الكبرى، فيحكم بصحته من ضم صغرى تعبدية إلى كبرى شرعية وإذا ورد: * (المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) * (4) يحرز موضوعه من ضم صغرى إلى