عليه إجراء استصحاب عدم النوم، وأجبنا عنه بوجه مبني على تسليم حكومة أصالة عدم النوم على أصالة بقاء الوضوء (1).
والتحقيق في الجواب أن يقال: إن استصحاب عدم النوم لا يثبت بقاء الوضوء إلا على القول بالأصل المثبت، لما عرفت (2) من أن الميزان في تقدم الأصل السببي على المسببي هو إدراج الأصل السببي المستصحب تحت الكبرى الكلية الشرعية حتى يترتب عليه الحكم المترتب على ذاك العنوان، كاستصحاب العدالة لادراج الموضوع تحت كبرى جواز الطلاق والشهادة والاقتداء والقضاء ونحوها.
وأنت خبير: بأنه لم ترد كبرى شرعية ب " أن الوضوء باق مع عدم النوم " وإنما هو حاكم عقلي مستفاد من أدلة ناقضية النوم، كقول أبي عبد الله عليه السلام: (لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك أو النوم) (3) فيحكم العقل بأن الوضوء إذا تحقق وكانت نواقضه محصورة في أمور غير متحققة وجدانا - إلا النوم المنفي بالأصل - هو باق، فالشك في بقاء الوضوء وإن كان مسببا عن الشك في تحقق النوم، لكن أصالة النوم لا ترفع ذلك الشك إلا بالأصل المثبت.
وبما ذكرنا في فقه الحديث يمكن الاستدلال به على عدم حجية مثبتات الاستصحاب، فتدبر.
ثم اعلم: أن الميزان الذي ذكرنا في تقدم الأصل السببي ميزان نوعي غالبي، وإلا فقد يتقدم الأصل السببي على المسببي، لأجل إحرازه موضوع التكليف، فينقح المكلف به، فيقدم على أصالة الاشتغال عقلية ونقلية، أي استصحاب الاشتغال بناء على جريانه. هذا تمام الكلام في القسم الأول من تعارض الاستصحابين.