و " إثبات الحكم في الزمان الثاني تعويلا على ثبوته في الزمان الأول " و " الشك المسبوق باليقين " لكن الإمام (قدس سره) عدل عن طريقة القوم وصحح التعاريف بناء على المباني المختلفة. فمن قال بأنه أصل عملي ويكون وظيفة عملية في مقام الشك، يجب تعريفه ب " إبقاء ما كان " ولا يصح له إطلاق الحجة عليه لعدم كونه ناظرا إلى الحكم الواقعي ولا حجة عليه بل الاستصحاب هذا من المسائل الفقهية. ومن قال بأنه حجة على الواقع واعتبره الشارع بجعل اليقين طريقا إلى متعلقه في زمان الشك، فيعرفه ب " اليقين السابق على الشك في البقاء الكاشف عن متعلقه في زمن الشك ". ولو قال إن اعتباره ليس لأجل الطريقية عن الواقع بل لأجل التحفظ عليه، وجب تعريفه ب " اليقين الملحوق بالشك " أو " الشك في بقاء الشئ المسبوق باليقين به ".
فما في كلمات بعض من الخلط بين التعاريف والمباني غير وارد مورد التحقيق والتدقيق. كما أن ما ذكره صاحب الكفاية (قدس سره) من كون التعريف واحدا على جميع المباني غير قابل للتصديق.
وقد كتب في الاستصحاب وتطرق لهذا الموضوع كل من صنف في علم أصول الفقه - على الأعم الأغلب - فأسهبوا فيه تدقيقا وتحقيقا، وحققوا تقدما في هذا السبيل وبالخصوص على يد الرواد النوابغ، فخلفوا تراثا ضخما، ومنجزات عظيمة.
والذي نريد تقريره الآن هو إلقاء نظرة خاطفة سريعة حول أعيان الأعلام ومشاهير العلماء وعلى أهم منجزاتهم في ذلك المضمار حسب التسلسل ألزمني فنقول:
إن أول من وصلنا قوله في حجية الاستصحاب هو رئيس الملة وفخرها وعمادها الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد العكبري البغدادي رضوان الله تعالى عليه المتوفى سنة 413 ه حيث قال:
والحكم باستصحاب الحال واجب، لأن حكم الحال ثابت بيقين، وما ثبت