بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد، فالاستصحاب أحد أوتاد وركائز البناء الفقهي الأصيل، ودعامة هامة من دعائمه، جعله الشارع المقدس طريقا وبابا من طرق وأبواب العلم التي يحدد العالم الفقيه وظيفته العملية بها.
وقد بدأ الاستصحاب - كسائر العلوم المختلفة - بسيطا في مستواه وحجمه وكيفيته، ثم تطور وتوسع بفعل العوامل الزمانية ومتطلباتها المتكثرة والمتجددة، حتى بلغ القمة والذروة بأيدي العلماء المبتكرين المجددين من ناحية الدقة والعمق والاستيعاب.
والمعروف بين الأصوليين أن " الاستصحاب " يطلق على أمور:
الأول: استصحاب حال الشرع، أي استصحاب الحكم الشرعي الثابت بدليل سمعي من كتاب أو سنة.
الثاني: استصحاب حال الاجماع، والمراد به استصحاب الحكم الثابت