وثانيها: ما أفاده بعض المحققين (1) في تعليقته على " الرسائل " وهو أن النقض ضد الإبرام، ومتعلقه لا بد وأن يكون له اتصال حقيقة أو ادعاء، ومعنى إضافة النقض إليه رفع الهيئة الاتصالية، فإضافته إلى اليقين والعهد باعتبار أن لهما نحو إبرام عقلي، ينتقض ذلك الإبرام بعدم الالتزام بالعهد، وبالترديد في ذلك الاعتقاد.
فحينئذ نقول: قد يراد من نقض اليقين بالشك رفع اليد عن آثار اليقين السابق حقيقة في زمان الشك، وهذا المعنى إنما يتحقق في القاعدة، وأما في الاستصحاب، فليست إضافة النقض إلى اليقين بلحاظ وجوده في السابق، بل هي باعتبار تحققه في زمان الشك بنحو من المسامحة والاعتبار، إذ لا ترفع اليد عن اليقين السابق في الاستصحاب أصلا، وإنما ترفع اليد عن حكمه في زمان الشك.
وليس هذا نقضا لليقين، كما أن الأخذ بالحالة السابقة ليس عملا به، بل هو أخذ بأحد طرفي الاحتمال، فلا بد من تصحيح إضافة النقض إليه بالنسبة إلى زمان الشك من اعتبار وجود تقديري له، بحيث يصدق بهذه الملاحظة أن الأخذ بالحالة السابقة عمل باليقين، ورفع اليد عنه نقض له.
ومعلوم أن تقدير اليقين مع قيام مقتضيه هين عرفا، بل لوجوده التقديري حينئذ وجود تحقيقي يطلق عليه لفظ اليقين كثيرا في العرف، ألا ترى أنهم يقولون: ما عملت بيقيني، وأخذت بقول هذا الشخص الكاذب، ورفعت اليد عن يقيني بقوله.